إحدى أهم الخطوات الاستراتيجية لتحقيق الاستدامة في الموارد للقطاعات الحكومية المعنية بالتنمية؛ هي استدامة المداخيل بعيداً عن الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً لتمويل الصناديق الحكومية المعنية بأوجه التنمية الرئيسة: العقارية، الزراعية، الصناعية، الاجتماعية، التنموية، تنمية الموارد البشرية.. وبالتالي فإن إيجاد جهة موحدة تتولى التنسيق، والمناقلة من صندوق إلى آخر -عند الحاجة- ومراقبة أداء كل صندوق على حدة لمعرفة مدى قدرته على تحقيق الأهداف التي أُسس من أجلها.. يؤكد أهمية الأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي أمر بإنشاء صندوق باسم «صندوق التنمية الوطني»، يرتبط به تنظيمياً صناديق؛ التنمية العقارية، والسعودي للتنمية، والتنمية الصناعية السعودي، والتنمية الزراعية، وبنك التنمية الاجتماعية، وصندوق تنمية الموارد البشرية، وأي صندوق أو بنك تنموي يصدر بإلحاقه أمر من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح من صندوق التنمية الوطني. إن الاستدامة من خلال مراقبة "صندوق التنمية الوطني" لأداء الصناديق الستة هذه.. نعتقد أنها ستكون من خلال توفير مصادر دخل مبتكرة مثل طرح سندات، أو صكوك لتوفير السيولة لتلك الصناديق، وكذلك التنسيق بينها بتوفير منتجات تمويلية جديدة تخدم قطاعات تنموية وسكنية واجتماعية وحتى صناعية في آن واحد.. خاصة في المدن الصغيرة التي تمتلك إمكانات بشرية أو طبيعية. هنا يمكن الحديث عن أرض خصبة جداً لبلورة التوجهات الحكومية لخلق شراكة بين القطاعين الحكومي، والخاص؛ عبر تأطير علاقات شراكة بين "صندوق التنمية الوطني" والبنوك المحلية لتوفير آليات إقراض طويلة الأجل لتلك الصناديق بدلاً من الاعتماد على الحكومة ومداخيل النفط. ونرى أن تحديد أولويات التنمية من خلال أي من الصناديق الستة، سيكون مهمة رئيسية لعمل صندوق التنمية الوطني، وكذلك تحديد المنطقة؛ بمعنى أنه يمكن أن مدينة الرياض بحاجة لتمويل سكني أكثر من الصناعي أو الاجتماعي، في حين أن مدينة رابغ (مثلاً) بحاجة إلى صناعي أكثر من السكني أو الزراعي. لذلك نتوقع أن مشروع تنظيم الصندوق الذي ستتولى هيئة الخبراء بمجلس الوزراء إعداده؛ سيكون شاملاً ومتضمناً لتلك التوجهات المهمة في وضع خطة عمل واضحة لصندوق الصناديق الستة، وغيرها من الصناديق التي يمكن أن تؤسس لدعم الحراك التنموي في المملكة.