تشكل إيران و"حزب الله" بعناصرهما كافة خطورة كبيرة على الأمن في دول أميركا اللاتينية، وهو ما انتبهت له الأجهزة المعنية في تلك الدول، خاصة منذ استهداف "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية - آميا" في العاصمة الأرجنتينية بوينس ايرس 1994، وضلوع عناصر من "حزب الله" والاستخبارات الإيرانية في الهجوم، إضافة إلى نجاح مسؤولي مكافحة الإرهاب البرازيليين في إلقاء القبض على العضو السابق في "حزب الله" فادي حسن نابهة، بالإضافة إلى 12 مواطناً برازيلياً من مناصري تنظيم "داعش" خلال الفترة التي سبقت الألعاب الصيفية ال 31 من اغسطس 2016 في ريو دي جانيرو، كانوا يخططون لارتكاب عمليات إرهابية خلال الأولمبياد. أكد تقرير للجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأميركية "سابراك" أن هذا التهديد عبر عنه صراحة المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية الخبير في شؤون "حزب الله" ماثيو ليفيت حينما أكد في 11 اغسطس 2016 أن إيران و"حزب الله" ناشطون جداً في أميركا اللاتينية، إضافة إلى تأكيد قائد القيادة الأميركية الجنوبية (ساوثكوم) في الفترة ذاتها على أن الحضور الإيراني في المنطقة ازداد أكثر من قبل، وتحذيره من أن 12 بعثة إيرانية في دول أميركا اللاتينية أصبحت ناشطة في مجال الإرهاب في 2010. وفي الأرجنتين حذر المدعي العام البيرتو نيسمان -قتل مؤخراً خلال تحقيقه في تفجير الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية- تشيليوالبرازيل والأوروغواي والباراغواي وغيانا وترينيداد وتوباغو وسورينام وكولومبيا من التسلل الإيراني إلى تلك الدول، ودعا إلى مواجهته. كما رصدت وزارة المالية الأميركية عناصر تابعة ل "حزب الله" في منطقة الحدود الثلاثية (البرازيل - الأوروغواي - الأرجنتين) في 2006، أهمهم فاروق العميري منسق تحركات عناصر الحزب في المنطقة، وعنصر رئيس في تأمين وثائق مزيفة تابعة للبرازيل والباراغواي، وتسهيل الحصول على الجنسية البرازيلية بصورة غير شرعية. ونشرت مجلة فيغا البرازيلية في ابريل 2011 وثائق لمكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية تحذر فيها من عميل للمخابرات الإيرانية يدعى (محسن رباني)، عمل بشكل وثيق مع عناصر ل "حزب الله" لتنفيذ تفجيرات 1992 و1994م في بوينس آيرس، وكشفت الوثائق المنشورة أن "رباني" يتسلل كثيراً من البرازيل وإليها بجواز سفر مزور، وجند ما لا يقل عن 24 من الشباب في ثلاث ولايات برازيلية للمشاركة في صفوف (التنشئة الدينية) في طهران، وحذرت الوثائق والتصريحات المصاحبة لنشرها من انتشار جيل من المتطرفين في البرازيل وسط غفلة من الجميع. وتوسع "حزب الله" في ممارسة أنشطته الإجرامية في البرازيل مؤخراً لتشمل الاحتيالات في عمليات الشحن؛ تتمثل في حاويات تدخل البرازيل من مرفأ ساو باولو وتختفي في النهر في طريقها إلى منطقة الحدود الثلاثية. وقد ألقت البرازيل مؤخراً القبض على مهرب المخدرات اللبناني فادي حسن نابهة التابع ل"حزب الله"، وما زال في قبضة السلطات حتى الآن. وفي كوستريكا تمكن مدير الهجرة ماريو سامورا من اكتشاف تنقل أعداد كبيرة لمواطنين من أصول عربية يحملون جوازات سفر فنزويلية في 2008 من بلاده إلى دول أخرى على رأسها أميركا، وهو ما دعاه وقتها لإبلاغ واشنطن التي عززت من إجراءات المراقبة حينها. وفي يناير من العام 2011 حددت وزارة الخزانة الأميركية هوية عنصر رئيس ل "حزب الله" يدعى أيمن جمعة إلى جانب تسعة أفراد إضافيين، و19 شركة من شركات الأعمال متورطين في أكبر مخطط لتهريب المخدرات في دول أميركا اللاتينية طوال تاريخها. وكشف تحقيق أجرته إدارة مكافحة المخدرات الأميركية أن جمعة نفذ عمليات غسل أموال بمقدار 200 مليون دولار في الشهر، من بيع الكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط عبر عمليات جرت في لبنان وغرب أفريقيا وبنما وكولومبيا. كما كشف التحقيق قيام شبكة جمعة بغسل الأموال عبر حسابات في "البنك اللبناني الكندي" استخدمها زعيم الشبكة لتنفيذ عمليات معقدة لغسل الأموال. وطبقاً لتقارير أميركية فإن هذه العمليات مكنت "حزب الله" من توفير إيرادات إضافية لتمويل تسليح عناصره في سورية. وفي العام 2015 سلطت وزارة الخارجية في تقرير لها عن الإرهاب الضوء على شبكات الدعم المالي التي يحتفظ بها "حزب الله" في أميركا اللاتينية وخلصت إلى أن الحزب "قادر على العمل في جميع أنحاء العالم"، وفي ديسمبر من ذات السنة أقر الكونغرس الأميركي وبإجماع 422 عضواً قانوناً لفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع "حزب الله"؛ بعد رصد الاستخبارات الأميركية نشاطاً مكثفاً لعناصر من الحزب في تهريب المخدرات لدول أميركا اللاتينية. وفي فبراير من العام 2016 تمكنت الاستخبارات المكسيكية ونظيرتها الكندية من الكشف عن تحركات أفراد تابعين ل "حزب الله" وإيران في أميركا يخططون لعمليات تهريب وتفجيرات إرهابية، ثلاثة منهم يحملون الجنسية الأميركية. كما كشفت تقارير الاستخبارات الأميركية أن وزير الداخلية الفنزويلي ذا الأصول السورية طارق العيسمي يساهم بشكل كبير في خلق شبكات لغسل الأموال لجماعات تابعة لإيران و"حزب الله" العابرة للقارات والدول، لتصل إلى العراق وسورية ولبنان وفنزويلا وغيرها، الأمر الذي عزز من أواصر العلاقة التجارية وتبادل عمليات غسيل الأموال وتجارة المخدرات في تلك الدول. من جانبها كشفت تقارير نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" في يونيو 2016 عن أن شركات اللحوم والنفط الكبيرة في البرازيل وأوروغواي تستخدم للتغطية على عملاء إيران وجواسيسها، وفي تشيلي اخترقت إيران الجامعات، وقالت أيضاً: إن المدعي والمحقق في الأرجنتين البيرتو نيسمان قتل بطلقة واحدة في الرأس (يناير 2015م) قبل يوم واحد من الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس الأرجنتيني حول ما قيل عن تغطية الحكومة الأرجنتينية لتفجير إيران الإرهابي للمركز اليهودي في 1994. وبحسب الصحيفة فقد أصدرت الأرجنتين مذكرات اتهام لثمانية مسؤولين إيرانيين بينهم الرئيس الأسبق علي رافسنجاني، بالإضافة إلى أحد المواطنين اللبنانيين لضلوعهم في عمليات إرهابية بها، وفي 2007 أصدر الإنتربول -بطلب من الأرجنتين- مذكرات حمراء لاعتقال ستة من المتهمين، لكن إيران لم تستجب للمذكرات الدولية.