أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب، أنه لا يجوز أن يُحوَّل الحجّ إلى ما ينافي مقاصدَه، فلا دعوةَ إلاّ إلى الله وحدَه، ولا شعارَ إلاّ شعارُ التوحيدِ والسنّة، فالدين دين الله والشرع شرعه، والواجب على من بلغه كلام الله وسنة رسوله أن يتبع الحق ويطرح ما سواه، ولا يترك القرآن والسنة لقول أحد مهما كان، فما وهنت الأمة إلا بقدر ما تسرب إليها من البدع والمحدثات واتباع الهوى. وأضاف في خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكةالمكرمة أمس: كل من أحدث بين المسلمين سبباً للتنازع والشقاق فقد كفر نعمة التأليف واقتبس حطباً من نار الجاهلية وعق قومه وغش أمته، مبيناً أن مقدسات الأمم وأعيادَها ضمانة لكل أمة، إنهم وإن اختلفوا جعلوها سبب اتفاقهم، وإن تنازعوا جعلوها نهاية افتراقهم، وأي مشهد أبهى من هذا التجمع الإيماني العظيم، فيه اجتماعُ الأمةِ وائتلافُهَا، وظهورُ قِيَمِهَا وأخلاقِها وقيم التسامح والإخاء والبعد عن الخلاف والمراء، قيم المساواة والعدل والأخوة والمحبة. إنه نبراس لسبيل نهضة الأمة وقوتها، والذي لا يتأتى إلا بالوحدة والاجتماع، وتجاوز الخلافات والتسامح. وبين آل طالب أن الانتماء الإسلامي هو الشرف الباذخ والعز الشامخ وإن أرهقته الليالي وأثقلته الأيام، فالإسلام هو الدين الذي توارث الأنبياء الدعوة إليه، والقرآن هو كلمة الله الأخيرةُ للبشر، ومحمدٌ خاتم النبيين ورسول رب العالمين، فكيف يكون الانتماء إليه خفيض الصوت أو موضع الإهمال أم كيف تتقدم عليه انتماءات بشرية وأرضية. وقال: "اعلموا أن الدولةَ بِرِجَالَاتِهَا وأجهزتها ومؤسساتِها، تبذُلُ جهوداً هائلة لخدمتكم وتيسير حجكم، والنظامُ وُضِعَ لمصلحتكم، والجهودُ كلُها لأجلكم، فالتزموا التوجيهات، واتبعوا التعليمات، واستشعروا ما أنتم فيه، وكونوا على خير حال في السلوك والأخلاق، والزموا السكينة والوقار، واجتهدوا وسددوا وقاربوا، وأبشروا وأملوا، فإنكم تَقدمُون على رب كريم، جعل الله حجَّكم مبروراً، وسعيَكم مشكوراً، وذنبكم مغفوراً". من جانبه، حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي من الحكم على نوايا الناس بالترصد لهم وتتبع مخابرهم وإصدار الأحكام عليهم، فالله عز وجل أعلم بالسرائر وحسابهم على الذي لا تخفى عليه خافية. وقال في خطبة الجمعة أمس من المسجد النبوي بالمدينةالمنورة: التعرض لمخابر المسلمين والحكم على نواياهم انتهاك لحرمتهم، وهذا يجر إلى التساهل في الأعراض واستباحة الدماء، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين معاملة المسلمين، ويجريهم على أحكام الإسلام الظاهر مع علمه بنفاقهم في الباطن، ويظهر أثر الإيمان عند الابتلاء بالصبر في المظهر واحتساب الأجر في المخبر فلا تتمادى جوارح المسلم أو ينسى الأدب مع ربه ومولاه. وأضاف الشيخ الثبيتي: في السباق نحو الجنة لا يكون الفوز إلا على صلاح المخبر مع أهمية المظهر فبصلاح المخبر سبق السابقون وارتقى الواصلون، ومن واسع رحمة الله أن سخر للمسلم محطات إيمانية يتزود فيها بما يزكي مخبره وينمي مظهره ومنها هذه الأيام العظيمة المباركة والتي يتضاعف فيها الأجر والثواب أيام عشر ذي الحجة. ضيوف الرحمن يؤدون الجمعة الأخيرة لهم بالمسجد النبوي