أكد أكاديميون وشوريون وعدد من الكتاب على أن الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لبدء صحفة جديدة في مسيرة التعاون والتضامن العربي والاسلامي إنما تأتي في مصلحة الشعوب العربية والاسلامية؛ معتبرين ذلك امتدادا لمبادراته المباركة -حفظه الله- والدائمة للحفاظ على اللحمة العربية والاسلامية، ومرحبين بالنتائج الصادرة عن اجتماع قادة دول الخليج العربي الذي عقد مؤخرا بالرياض وما أعقبه من دعوة للتضامن مع مصر وشعبها لتعزيز الاستقرار بالمنطقة العربية. يقول عضو مجلس الشورى الشيخ الدكتور عيسى الغيث إن هذه المبادرة تأتي امتدادا لسياسة المملكة العربية السعودية في سلوك منهج سياسي هادئ وفعال نتج عنه استقرار المملكة ودول الخليج ووفقا للمنهج الاسلامي والاخلاق العربية والتقاليد السعودية، فقد سعت المملكة لمعالجة المشاكل الاقليمية بحكمة تجمع بين الحزم والتسامح وظهر ذلك جليا تجاه ملفات منها الملف العراقي عندما انتقلت السياسة السعودية من موقف حازم تجاه الحكومة السابقة وتصرفاتها اللامسؤولة إلى تسامح وفتح باب جديد مع العراق وتمثل ذلك في استقبال الرئيس العراقي مؤخرا ورئيس مجلس النواب العراقي، مما يعني ان السعودية تتعامل مع أشقائها واصدقائها بمسؤولية وحكمة تحقق مصالح الجميع نظرا لكون السعودية عمق العالم العربي والاسلامي، مبينا أن اجتماع قادة الخليج في الرياض عند اخيهم الأكبر خادم الحرمين الشريفين في عاصمة شقيقتهم الكبرى أظهر بوضوح أخلاقياتنا الخليجية وذلك الالتفاف بين حكام دول الخليج إلى خادم الحرمين الشريفين دليل على الاحترام المتبادل بيننا كخليجيين ترابطنا وشائج الدين والقومية والمصير المشترك مما يعني أن أي خلاف بيننا انما هو سحابة صيف تحصل في البيت الواحد بين الاخ واخيه وبين الابن وأبيه. كما يذكر الغيث أن ماجاء في كلمة والدنا وولي امرنا خادم الحرمين الشريفين توكيد من جديد على الحكمة والدهاء وكذلك الحزم والتسامح سواء في فتحه صفحتين جديدتين مع قطروالعراق أو في موقفه من مصر بذلك الموقف الشجاع الذي بسببه حفظ الله مصر من الوقوع في مستنقع شبيه بما حصل في العراق وسوريا مضيفا أن هذه المواقف التاريخية تؤكد من جديد على أن السياسة السعودية بقيادته -حفظه الله- ليست صاخبة انما هادئة ولكنها فعالة للغاية والدليل ما يراه الراصدون من نجاحات لسياسات المملكة على مختلف الاصعدة. ويضيف الباحث الدكتور زيد الفضيل أن الأزمة الأخيرة كشفت ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي عن حكمة بالغة تكتنزها نفوس وذهنيات قادة مجلس التعاون الخليجي دون استثناء، على أن الأهم أنها أكدت وبجلاء مدى وعمق الدور القيادي للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلمان يحفظهما الله، اللذين شكلا جسرا قويا للترابط بين دول المجلس وعملا على تطويق مكامن الخلاف بمروءة كبيرة، ولا أدل على ذلك من تلك الصورة الحميمة التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية لسمو الأمير سلمان في قمة الكويت السالفة وهو يمسك بساعد أمير قطر، على الرغم من بروز الاختلاف في وجهات النظر السياسية بين الدولتين، وسحب المملكة ومعها البحرين والإمارات لسفرائهم من الدوحة، كعلامة عتب شديد على سياسات الدوحة الإعلامية والسياسية. مع ذلك كله فلم يمنع الظرف والواقع السياسي في تلك الفترة من أن يتعاضد الزعيمين ويدخلا للقاعة معا، في مظهر ينبئ لكل متدبر أن الروابط العربية الخليجية قوية، وأن ما بينهم سحابة الصيف ستزول سريعا. وهو ما كان فعلا، حيث لم تمنع الأزمة أمير قطر من زيارة المملكة واللقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ليس بصفته أميراً لدولة جارة، وإنما بصفته القيادية والأبوية لمجتمع الخليج والعالم العربي والإسلامي، وكان أن انتهت الزيارات بحل الأزمة كليا في القمة الاستثنائية بالرياض، حيث انضمت قطر إلى خيارات المجلس السياسية، وتعهدت بالالتزام بالسياسة الإعلامية الحصيفة إزاء دول المجلس. وحتما كما يذكر الفضيل فإن ذلك يعكس نضج القيادة القطرية، ورغبتها الأكيدة في لم الشمل وتوحيد الصف. ويقول الفضيل لقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن مجلس التعاون الخليجي يملك من الحصافة ما يجعله قادرا على مواجهة مختلف التحديات حيث بات المجلس الآن الضمانة الرئيسة لعودة الوحدة العربية إلى سابق قوتها، بل وتشكيل سياقات الأمة من جديد لتتواكب مع مختلف التغيرات المعاصرة، التي من شأنها تفتيت المفتت كما يقال وبالتالي فصار واجبا على الأمة العربية والإسلامية أن تعي طبيعة الظرف والمتغير السياسي الجاري، وأن تعمل لوحدة صفها من جديد بذهنية القرن 21م وليس بذهنية القرن العشرين، وهو أمر يمكن أن تقوده دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن بكل جدارة واقتدار. ويختتم الدكتور زيد حديثه ل الرياض بالقول إن المملكة جسدت منذ تأسيسها وصولا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عضدا لكل الدول العربية ومرجعا لها بوجه عام وخلال الوقت الراهن بات للمملكة دورها البارز في تنشيط الحوار بين مختلف الفرقاء في العالم بصفة عامة إيمانا منها بالسلام الذي يجب ان يعم العالم أجمع من خلال مبادرته -حفظه الله- في تأسيس مركز الملك عبدالله للحوار بين الاديان والثقافات العالمية. بدوره يقول الكاتب محمد علي قدس أنه منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- زمام الحكم وهو يولي كيان هذه الدولة وشعبها اهتمامه البالغ وحرصه على وحدة الكيان بإقامة مركز الحوار الوطني ويأتي همه الثاني الاهتمام بالبيت الخليجي وجهوده الكبيرة في وحدة دول الخليج سواء من خلال مجلس التعاون الخليجي أو من خلال اللقاءات والتشاورات التي تتم بينه -حفظه الله- وبين القيادات الخليجية حيث اتضح ذلك منذ ان كان ولياً للعهد ثم يأتي اهتمامه الأكبر بالوحدة العربية والتضامن الإسلامي. وتابع بأنه لكم من أزمات واجهت الأمة وعصفت بالمنطقة، كان لها أثرها في تهديد أمن واستقرار المنطقة، كانت له فيها مبادراته ومشاريعه لردع الصدع وإنهاء الخلافات وكان من اهم ما يشغله ومن اهتماماته وهاجسه الدائم التصدي للإرهاب والتطرف وحماية الأمن القومي للكيان الخليجي والتضامن العربي، وفي كل اللقاءات التاريخية التي كانت تتم في اجتماعات القمم الخليجية والعربية كانت له -حفظه الله- كلماته التاريخية التي تضع الحلول وتداوي الجراح. من جهته يؤكد عضو مجلس الشورى الدكتور احمد الزيلعي أنه لا يختلف اثنان على أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل خير وسلام وحكمة وصدق ومعروف واصلاح ذات البين بين المسلمين عامة وأشقائه العرب بصورة خاصة، تتجلى في مواقف كثيرة يطول ذكرها ويصعب حصرها، مضيفا أن جميع المراقبين للشأن العربي والخليجي يعلمون أن الملك عبدالله لم يعجبه ما وقع داخل البيت الخليجي من سوء فهم أعقاب الاحداث التي وقعت بمصر أبان حكم الاخوان وما تلاه من تكتلات وتحزبات ومواقف خشي ان تكون لها انعكاساتها القربية او البعيدة على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وتلك المواقف التي قد تحدث شرخا في البيت الخليجي بعد ان ظل متماسكا طلية 30 عاما حتى وفق الله خادم الحرمين الشريفين في نهاية المطاف إلى إعادة الامور إلى سابق عهدها وغابر مجدها فتصافحت الايدي وصفت القلوب بعد توقيع قادة الخليج إتفاق الرياض التكميلي الذي تم برعايته -حفظه الله- والذي حرص كما يقول الزيلعي على عدم إغفال الدور الكبير الذي تضطلع به مصر والروابط التي تربطها بأشقائها الخليجيين فكان أن اشار البيان بوضوح على تأكيد وقوف قادة مجلس التعاون جميعهم بجانب مصر وتطلعهم إلى مرحلة جديدة من الاجتماع والتوافق معها مناشدا إياها شعبا وحكومة للسعي مع أشقائهم في دول الخليج في سبيل انجاح مساعيهم الخيرة والرامية إلى تعزيز التعاون والتضامن بمختلف الجهود الداعمة للعمل العربي المشترك. من جانبه يوضح الكاتب شتيوي الغيثي قائلا في البداية كان متوقعاً بل يصل لحد الجزم منذ فترة أن يصل الأشقاء في الخليج إلى اتفاق مشترك يردم الهوة التي حصلت بعد سحب السفراء لأن عمق التواصل كان كبيراً والخلافات ليست خلافات ممتدة بل هي خلافات أشقاء غالباً ما تعود الأمور إلى مجاريها. ويضيف أن السعودية والإمارات والبحرينوقطر وكافة دول مجلس التعاون الخليجي تربطها أواصر الأخوة والنسب والجيرة والتداخل المجتمعي لذلك غالبا ما كانت دول الخليج شعوباً وحكومات خارج إطار الخلاف الممتد مشيراً إلى أن الأشقاء الخليجيين أسرة واحد كبيرة، فيها كل ما في مفهوم الأسرة، أو العشيرة، من تواصل قيمي وثقافي واجتماعي، حتى وإن اختلفت الرؤى والمذاهب والتيارات السياسات، لذلك فإن الخلافات غالباً ما تردم ويصل الأشقاء إلى حلول توافقية، والتداخل الخليجي والتعايش الفكري والمذهبي يشي دائما إلى وحدة توافقية أشبه ما تكون بالوحدة المتعددة بمعنى أن الاختلاف بين دول مجلس الخليجي يحقق التكامل لتلك الوحدة ولا ينفيها، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن البيان الذي ظهر من الديوان الملكي بتصريح خادم الحرمين الشريفين بعد اتفاق الرياض التكميلي لابد وأن يستحضر كل هذه المعاني وإن لم يصرح بها بشكل مباشر. ومن ناحية العمق الثقافي والاجتماعي والسياسي في الخليج يقول الغيثي إن دول مجلس التعاون بشكل عام، أمام تحديات لا تستثني أحداً، ولا تقترب من دولة دون أخرى، فما يحصل في دولة عربية يمكن أن يؤثر على كامل المنطقة فما بالك في دولة خليجية! وعلى هذا الأساس يكون من المهم أن يكون هناك اتفاق كما هو اتفاق الرياض التكميلي، في الوقوف أمام ما يمكن أن يشكل عقبة من عقبات التواصل، أو أي أمر يمكن أن يفضي إلى تفكك المنظومة الخليجية ويردم الخلافات لتحقيق الصالح العام للمنطقة وليس لدول الخليج فقط، فالمنطقة العربية دخلت في إشكاليات وتحديات كبيرة من حروب أهلية وانتشار الفساد والإرهاب وتدخل بعض الدول الأخرى غير العربية في بلبلة الأوضاع في المنطقة، والخليج هو المنطقة المؤهلة حالياً في تحقيق التوازن العربي بحكم أنه كان الأكثر استقراراً منذ اندلاع الثورات العربية، إضافة إلى أن صدى الثورات اقترب كثيراً من الخليج لولا أن الأمور هدأت لاحقاً وأفضت إلى سلم اجتماعي بعد عدد من التوترات الخليجية التي يأتي الاتفاق كأحد العوامل التي يمكن أن تحد من عودتها أو تسير بدول المنطقة إلى بر الأمان. كما يذكر شتيوي الغيثي أن النداء الملكي لدولة مصر لما لها من ثقل سياسي وثقافي في المنطقة العربية كاملة، إضافة إلى أنها من أهم الدول العربية التي عادت إلى حالة الاستقرار بعد اندلاع الثورات وأثرت ثورتها على كامل المنطقة العربية، والبيان إذ يصرح بها تحديداً دون غيرها، فلأن ما تمتلكه مصر من ثقل حكومة وشعباً يمكن أن يحقق توازناً كبيراً في المنطقة ويسد ثغرة من الثغرات التي يمكن أن يلج إليها أعداء الاستقرار العربي كما أن دول مجلس الخليج وتحديداً السعودية والإمارات سبق وأن كان لها دور في استقرار مصر خاصة من الناحية المالية، ومن هذا الجانب تصبح مصر أحد الشركاء في استقرار منطقة الخليج والمنطقة العربية بعمومها. محمد علي قدس عيسى الغيث زيد الفضيل شتيوي الغيثي