بالقرب من مبنى الأمن المركزي بالقاهرة كانت الحواجز الأمنية كبيرة، جعلت سائق التاكسي يحدثني وهو يتذكر بداية ثورة 25 يناير وكيف تحول هذا المبنى إلى مسرح من النبش والتكسير والسرقة، كان يقول لي بلغة رجل الشارع العادي إنها "المؤامرة" وليست "الثورة". كانت تلك المؤامرة اللعبة الحقيقية إعلامياً لقناة الجزيرة الفضائية، تذكرت هذا الأمر وتفاصيل ما كان يسمى الربيع العربي وأنا أتابع المبالغات الطريفة لبعض تغطيات القناة ومنها على سبيل المثال تغطية حادث قطار الاسكندرية مؤخراً، نجد أن هذا الحادث كان الحدث الأبرز على القناة رغم أنه من الأحداث الداخلية لمصر وغير مستغرب أن يحدث حتى في غيرها من الدول نتيجة لأخطاء بشرية أو تقنية متوقعة، وبطبيعة الحال لم تكن هذه المبالغة في تغطية هذا الحدث تعاطفاً طبعاً مع الضحايا البسطاء، وإنما لعبة إعلامية لتأليب الرأي العام المصري على الحكومة والرئيس السيسي تحديداً، فتم تصوير هذه الكارثة الطبيعية وكأنها بسبب تقصير وإهمال الحكومة، ولا أدل على ذلك من إدخال مقاطع منتقاة بعناية لبعض أحاديث الرئيس المصري وإدخالها ضمن تغطيات الحادثة بصورة خبيثة، ولكنها قد لا تكون مجدية في هذا الزمن الذي انكشفت فيه أجندات الجزيرة الإعلامية!. على النقيض وفي نفس التوقيت انتقلت بالريموت لقناة قطر الرسمية، ولفت انتباهي طاولة نقاش من رئيس تحرير ومدير تحرير لصحيفتين قطرتين، غارقين بالنقاش وبحماس وبعشوائية على تغريدة لمعالي المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني، وتم استخدام جميع المفردات الشعبية للتعليق على هذه التغريدة لمدة تجاوزت أكثر من نصف ساعة. هذا الخواء الإعلامي في التلفزيون الرسمي نتيجة لوجود الجزيرة كقناة اعتبرها المسوولين القطريون علامة من علامات التحضر كما أوهمهم المرتزقة الذين يعيشون ويقتاتون على هذه القناة!. ما بين قناة الجزيرة وتلفزيون قطر جامع واحد يجمعهم وهو تمركزهم بالدوحة، ولكن ما يفرقهم أن خبث الجزيرة مكشوف ويشمل مذيعيها وضيوفها، عكس التلفزيون الرسمي الذي زج بمواطنين سذج للحديث أكثر من نصف ساعة على تغريدة، ولكن الأهم بالموضوع أن التأثير للجزيرة وللتلفزيون الرسمي طريف ولا يذكر، ولا يمكن مثلاً أن تحرك تغطيات القناة لحادثة قطار الاسكندرية لقيام ثورة أخرى يكون مسماها ثورة أغسطس!.