استقبل الشعب القطري بفرحة عارمة أمر خادم الحرمين بفتح المنفذ البري، وتأمين طائرات من الخطوط السعودية لنقل حجاج قطر من الأحساءوالدمام وكذلك من الدوحة، وبدون تصاريح إلكترونية، واستضافتهم بالكامل على نفقته الخاصة، وتوفير كل الاحتياجات، بعد أن أغلقت حكومة قطر أمامهم كافة السبل لإتمام مناسك الحج. وجاء أمر خادم الحرمين الشريفين هذا بعد استقبال نائب خادم الحرمين الشريفين لسمو الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني سليل مؤسس قطر وحفيد وابن وأخ حكامها، للوساطة لدى نائب الملك بدخول حجاج قطر عبر المنفذ البري، وبعد أن رفع نائب الملك بذلك للملك. وقد حدد هذا القرار إنسانية المملكة ومواقفها تجاه الشعب القطري وضيوف الرحمن خاصة، وتأكيداً للتلاحم الإسلامي الذي هو شعار المملكة، كما أن هذا الأمر جاء كرد على محاولة تسييس الحج التي سعت لها الحكومة القطرية. ووصف خبراء سياسيون للرياض أن رد خادم الحرمين الشريفين على وساطة آل ثاني جاء جميلًا، حيث إن الملك سلمان لم يكتف بالقبول بل زاده إحساناً عندما فتح لهم المنافذ البرية والجوية وزادهم براً عندما أمر بأن تكون استضافتهم على نفقته. وحول هذا قال الإعلامي والباحث السياسي نايف بن جراب للرياض: "سخرت المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كل إمكاناتها لخدمة الحجاج وضيوف الرحمن، وتأتي موافقة خادم الحرمين الشريفين للإخوة الأشقاء الحجاج من قطر بدخول المملكة ونقلهم وإقامتهم على نفقته الخاصة لتؤكد الحب والعطف من الكبير دائماً على إخوته، وتلجم الأفواه والإعلام القطري والمعادي من بعض الدول الأخرى التي تحاول وتسعى لتسييس الحج في كل عام". وذكر أن وساطة الشيخ عبدالله بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني ليست بمستغربة من العقلاء، كما أنها توضح وترسم مستقبل قطر من جديد. وختم قائلًا: "شكراً خادم الحرمين الشريفين، شكراً ملك الحزم والعزم، شكراً سلمان العروبة". من جهته قال المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي د. أحمد الشهري للرياض: "تفاجئ المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين العالم دائماً وتقدم له الصور المشرقة الجميلة التي تعبر عن مدى الدور الريادي الذي تقوم به في قيادة العالم العربي والإسلامي، ولذلك عز عليها ما عانى منه الشعب القطري نتيجة تعنت قيادته، وما كان القرار التاريخي والمفصلي بقطع العلاقات معها إلا إنقاذاً للشعب القطري، ولذلك وجدنا المملكة تتلمس حاجات الشعب القطري منذ بداية الأزمة عندما أمر خادم الحرمين الشريفين أولاً باستثناء الأسر المشتركة والحالات الخاصة من المقاطعة، والآن تأتي المكرمة الكبيرة الأخوية التي تدل على حب خادم الحرمين الشريفين ونائبه حفظهما الله لتقديم الصور المشرقة التي توضح مبدأ التلاحم الإسلامي. وتابع الشهري: "وعندما استقبل نائب خادم الحرمين الشريفين شفاعة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني الذي طلب قبول شفاعته لدخول الحجاج من منفذ سلوى لم تكن الإجابة بالقبول فقط بل إجابة قبول وإحسان وبر، فكانت الموافقة أولاً والبر ثانياً عندما أمر خادم الحرمين الشريفين الطائرات السعودية ملاقاة الحجاج في مطار الدمام ومطار الأحساء ونقلهم إلى جدة، وكان البر تابعاً عندما أمر -حفظه الله- أن يكون هذا الحج على نفقته ضمن برنامجه لاستقبال الحجاج". وقال: "نخرج من هذا الموقف بملمح مهم جداً وهو ما تقدمه المملكة وما تحمله من نوايا طيبة تجاه الشقيقة قطر في الوقت الذي نشاهد فيه الحكومة القطرية تحرص على تسييس الحج، وكيف أنها اتجهت للأمم المتحدة لتعزف على هذا الوتر". وأوضح الشهري أن هذه المكرمة أسقطت كل الرهانات، وأثبتت أن المملكة عندما اتخذت القرار التاريخي بقطع علاقاتها مع قطر، وعندما قررت إقفال الحدود والمجال الجوي لم يكن غاية، وإنما كان الهدف عودة قطر إلى محيطها الطبيعي، وإصلاح ذات البين، فلم تكن المقاطعة غاية بحد ذاتها بدليل أنه عندما جاء الشفيع لم يلب طلبه فحسب، بل قوبل بالبر والإحسان، بأن يكون حج الأشقاء في قطر على نفقة خادم الحرمين الشريفين، وهذه إحدى الصور المشرفة التي تضاف لصور المملكة المشرفة الأخرى في استقبال الحجاج الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين". نايف بن جراب