يأبى سوق العمل في القطاع الخاص إلا أن يدير ظهره لأبناء الوطن، ويصدهم صدوداً تحت ذرائع مختلفة، ليس أقلها عدم مواءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل، حتى بلغت الأرقام المخيفة الزبى والتي تتحدث عن واقع أليم للعنصر الوطني في سوق العمل المحلي، والذي يوفر الوظائف المختلفة لأكثر من 10 ملايين مقيم. وفيما أظهرت إحصاءات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن 1058660 سعودياً في القطاع الخاص يتقاضون رواتب تتراوح ما بين 3000 إلى 3499ريالا، فإن مصير ضخامة العدد، وضآلة الرواتب يثير كثيراً من الأسئلة عن قدرة السعودة الوهمية التي ابتدعها القطاع الخاص على قلب الطاولة، وإلقاء مستقبل مليون سعودي في مهب الريح، وحتى أولئك الذين يعملون حقاً في وظائف دنيا في شركات القطاع الخاص يعانون من ضعف الراتب وغياب المسار الوظيفي وعدم الشعور بالاستقرار الوظيفي، مما سيجعلهم ضمن أعداد العاطلين في أي وقت. ويأتي هذا في وقت يبدو أن وزارة العمل قد تدبرت فيه أمرها، وأيقنت أن قدراتها أقل من فرض التوطين على القطاع الخاص، فقد ذهبت الوزارة قبل فترة إلى القول إن خطة المملكة في خفض نسبة البطالة تستهدف جعل العاطلين أصحاب أعمال بدلا من الحصول على وظائف تقليدية، ويبدو أنها ماضية إلى هذا الخيار في ظل قرارات حصر العمل في أنشطة معينة على السعوديين كما حدث في سوق الاتصالات، وكذلك القرار الأخير القاضي بأن يتولى صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، دفع الاشتراكات التأمينية نيابة عن المواطنين الذين سيعملون في أعمال حرة خاصة، مما يوفر لهم الحماية الاجتماعية اللازمة في بداية ممارستهم للعمل الحر. وفي هذا الصدد قال عبدالله الزهيري -المختص في الموارد البشرية- إن هناك مشكلة مزمنة في سوق العمل، يتحمل كلا طرفيها مشكلة تعثر التوطين في القطاع الخاص، وقال: إن أغلب الشركات لا ترغب في توظيف سعوديين، وكذلك هناك سعوديون يمنحون تلك الشركة فرصة أن تفعل ذلك من خلال عدم التعامل مع بعض وظائف القطاع الخاص بالجدية اللازمة، واعتبارها وظيفة إستراتيجية لحياته العملية. وأشار الزهيري إلى أن توجه وزارة العمل لتحويل طالبي الوظائف إلى أصحاب مشروعات صغيرة عوضاً عن موظفين لدى الغير، سيصطدم بثقافة السعوديين التي تدفعهم للبحث عن الوظيفة أكثر من العمل الخاص، مشدداً على أن المجتمع في حاجة للتحول إلى ثقافة العمل الحر والمشروعات الصغيرة لما لها من تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني.