الضغط النفسي أو التوتر هو رد فعل طبيعي نقوم به جميعاً تجاه الأحداث والمتغيرات المؤلمة والمحبطة، التي تجري في حياتنا، فنشعر بالقلق والخوف والترقب والتوجس، أو الحزن والضيق وتكدر الخاطر أو الغضب والانفعال والعصبية، وهذه الانفعالات تكاد لا يسلم منها أحد، لكنها تتحول إلى مرض ومشكلة إذا زادت عن حدها الطبيعي وتكررت كثيراً ولم نعرف كيف نتحكم بها أو نتعامل معها بحكمة واتزان. ويتساءل الإنسان دوماً عن منشأ الضغوط النفسية ( التوتر ) التي تعتريه، ولكي نعطي تصوراً سهلاً عن هذا المنشأ، فإنه يمكن القول: إن كل ما يحيط بالإنسان وما حوله قد يسبب له التوتر، في العمل والبيت والشارع، والناس والأقارب والوضع المادي والأحداث العالمية.. قائمة طويلة لا تنتهي. لكن.. عليه ألا يسمح لهذه المنغصات أن تفسد عليه صفو حياته.. وعليه أن يتعامل معها بحكمة، وأن يتفاءل ويتلمس سبل السعادة، وقد قال المثل ( عش جميلاً ترى الوجود جميلا ) إن التأثيرات الضارة للضغوط النفسية (التوتر ) لا تقتصر على مشاكل نفسية وما يصاحبها من اضطرابات في النوم ( النوم المتقطع أو غير المريح أو الأرق وغيره )، وعدم القدرة على التركيز، فقد الشهية، فقد الإحساس بالاستمتاع بالحياة، والإحساس بالحزن والانعزال والابتعاد عن الناس والمجتمع وعدم حضور المناسبات المختلفة والتي تكون مهمة أحياناً، بل قد تتعدا تأثيرات الضغوط النفسية ذلك لتبدأ لدى الإنسان مشاكل صحية عامة وذلك مثل: صداع، تقلصات بالعضلات، تعرق، سوء هضم، إسهال، تعب، صعوبة في التنفس، التهابات فيروسية متكررة نتيجة ضعف في مقاومة الجسم، كما يمكن أن يصاب الإنسان بمشاكل القلب والجهاز الدوري فيحدث لديه ارتفاع في ضغط الدم، زيادة نبضات القلب واختلال نظامها، وزيادة احتمالات الإصابة بتصلب الشرايين أوالجلطة، كما أن من التأثيرات الضارة للضغوط النفسية حدوث مشاكل سلوكية مثل الشراهة في الأكل أو الامتناع عنه، الإفراط في التدخين أو تعاطي الكحول. وقد اقترح المختصون بعض القواعد للتعامل مع التوتر، كفكرة تغيير الأمر وقالوا ببساطة إذا كان بإمكانك تغييره قم بذلك، بينما القاعدة الأخرى تقبل الأمر حيث ينصح بالرضا بما لا يمكن تغييره، وبين هذا وذاك ينصح بترك الأمر حيث ينصح الإنسان بتقبل بعض القصور في حياته فالكمال لله وحده، وأخيراً من القواعد المهمة للتعامل مع التوتر قاعدة إدارة نمط الحياة وهي خطوات بسيطة وممكنة باستخدام الغذاء السليم وممارسة الرياضة والاسترخاء. كما أن هناك نصائح عامة تساعد على التعامل مع الضغوط النفسية بشكل سليم، حيث ينصح الإنسان أن يتعرف على الأحداث التي تسبب له التوتر، وأن يتعرف على ردود أفعاله تجاه المواقف التي يتعرض لها، وبالتالي يمكنه تحديد الأمور التي تسبب له التوتر ومن ثم يمكنه الاستعداد لها قبل حدوثها، أيضاً ينصح بأن لا يجعل الإنسان نفسه ملزماً بتوقعات الآخرين، فقد يقوم كثير من الناس ببعض الأمور لمجرد أن يرضى الآخرون عنهم، على الإنسان أن يحاول قدر الإمكان عدم الاعتماد على ذلك للحصول على قبول الآخرين به، فإن ذلك يجعله تحت رحمتهم وقد يستغلونه، كما وينصح الإنسان أن يتوقع الخير من تعامله مع الناس، وأن يحسن الظن بالناس ويتوقع الخير منهم، وعليه أن لا يفكر في أخطاء الماضي، فالإحساس بالذنب أو الندم لا يغير من الماضي شيئاً، وأن لا يشغل نفسه بالماضي وأن يبدأ بالتخطيط للمستقبل، وعليه أن لا يكبت شعوره بالغضب والإحباط، وعليه أن يعبّر عن شعوره للشخص المسؤول، وإن كان ذلك صعباً عليه أن ينفِّس عن نفسه مع شخص آخر يثق به، وأن يخطط للقيام بنشاط رياضي في نهاية يوم عمله للتخلص من الضغوط، ومن المهم أن يحدد وقتاً للترفيه أثناء برنامجه اليومي، فيقوم دائماً بالاشتراك في برامج جديدة تعطيه إحساساً بالرضى ولا توجد لها علاقة بوضعه الحالي، وأن يعمل على خلق صداقات جديدة، وعليه أن يبتعد عن التهور في عمله أو في اتخاذ قراراته وخصوصاً عند الغضب، وأن لا يحقد، فالحقد والحسد يتسبب في الشعور بالقلق والتوتر وعدم الاستمتاع فيما عنده، وعليه أن يتأكد بأن ذلك لن يغير من نصيبه، وأن لا يجعل الناس ترغمه على السرعة، وعليه اعطاء نفسه وقتاً للتفكير بالأمر، إذا أحس أنه تحت ضغط من الآخرين بالعمل عليه أن يطلب منهم منحه بعض الوقت لإنهاء ما بيده من عمل، وأن يعمل على أن يصل لموعده قبل التوقيت تحسباً لأي ظرف طارئ وعلى الإنسان أن يساعد أطفاله على التعامل مع التوتر، ويحتاج الأطفال أحياناً للتعرض لبعض المشاكل ومحاولة الخروج منها وذلك لتدريبهم وتحسين قدرتهم على المواجهة فعليه منحهم هذه الفرصة، فإذا كنت من النوع الذي يبالغ في حمايته للأطفال أو ممن يتدخل سريعاً فإنك بذلك تمنع أطفالك من اكتساب المهارات اللازمة لحل المشاكل أومن تطوير قدرتهم على التحمل، أخيراً، القدر والأجل والرزق قد كتبه الله للإنسان ولن يغيره أي إنسان، فعليه أن يتوكل على الله وأن يستمتع يحياته. * قسم التثقيف الصحي أ. محمد سامي عودة*