القناعة الشعبية في أي مجتمع رأس مالها الثقة بين الحاكم والمحكوم، وأي محاولة للنيل منها -أي الثقة- تتحول إلى حالة يأس وإحباط قد يتولد عنها صراع لا يدوم طويلاً من دون تداعيات، ولنا في دول عدة نماذج وتجارب أبقت على الثقة وسيلة للرضا والحل والتعايش بين الحكومة والشعب، ودول أخرى فرّطت في تلك الثقة، ولم يعد لها قبول، أو مصداقية. نحن في المملكة واجهنا إعلاماً مضاداً من كل اتجاه، وبوسائل متعددة، ورسائل تحمل مضامين مفبركة، وملّونة، ومتحيّزة، وحشد معها ذلك الإعلام إمكاناته، وأدواته، ومنفذيه المأجورين؛ وكل ذلك بهدف وحيد هو زعزعة الثقة بين المواطن وقيادته، ومحاولة اختراق تلك العلاقة الروحانية بنشر الأكاذيب، وتفريق الصف، وإثارة الرأي العام. لقد اعتدنا في المملكة على تلك المناورات الإعلامية منذ عقود، وتحمّلنا في سبيلها الكثير، وأصبح لدينا حصانة فريدة في التعاطي معها، ورصيد وافر من الثقة التي نعتز بها، فلا يحرّك فينا شعرة من خوف أو شك ما يردده الحاقدون، أو غيرهم من الطامعين، أو المتخاذلين؛ فالشعب السعودي أثبتت المواقف والأحداث والأزمات أنه وفيّ لوطنه، وقيادته، وباقٍ على ثقته وولائه وانتمائه، وحريص على وحدة صفه، ومشروعه الوحدوي الذي تركه لنا "عبدالعزيز ورجاله" أمانة نتوارثها جيلاً بعد آخر. أزمة قطر كانت من بين أزمات كثيرة عاشها المجتمع السعودي في اختبار الثقة، ونجح فيها منذ اليوم الأول، رغم كثافة التعرّض للمحتوى الإعلامي الأجير، وتحديداً في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث كان السعوديون على قدر من المسؤولية مهما حاولوا أن يبتزوهم، أو يساوموهم، أو يحبطوهم، أو ينالوا من وطنهم، وعلى الموعد في الرد والتصحيح، والاعتزاز بقيادتهم، وتجديد الثقة فيها، والدفاع عن قراراتها. لقد ناضلت قناة الجزيرة منذ أمد بعيد -مثل ما هي قنوات ووكالات عالمية أخرى- أن تشوّه صورة المملكة، وشعبها، ورؤيتها الطموحة، وفي كل مرة يفشلون، ويسقطون أو يتساقطون تباعاً، والسبب أن الشعب واعٍ، والقيادة حكيمة، وما يجمع بينهما أكبر بكثير مما يحلمون الوصول إليه. من يرى ردود وتفاعل الشعب السعودي في شبكات التواصل الاجتماعي ضد محاولات النيل من وطنه، وقيادته؛ يدرك أنه أمام شعب مختلف، وصعب أن تمرر عليه ما تريد، أو تسقط عليه ما هو مثير، أو مستفز؛ لأنه باختصار أصبح حائط الصد الأول، والشواهد كثيرة كيف كان الشعب يتصدى للمأجورين قبل أن يصدر بيان رسمي من الحكومة يكذّب ما يثار، والشاهد الأكبر أننا لا نزال نعيش بأمن واستقرار وتنمية رغم أنف الحاسدين!.