المملكة منذ تأسيسها لم تقرن الأقوال إلاّ بالأفعال، والتاريخ شاهد على مواقف وتحديات أثبتت أن صدق النوايا، وعزيمة الرجال، وتنمية الأرض والإنسان كافية لتحقيق ما نريد الوصول إليه، والسير عليه، ومواصلة طموحنا فيه؛ ليبقى الوطن زاهياً، عظيماً، واقفاً بشموخ أبنائه، وحكمة قيادته، ومشروع وحدته، وهويته، ومنجزه. الوطن الكبير يبقى كذلك، مهما كانت تداعيات الأحداث، وتطاول الأزمات حوله، حيث يجد في مقوماته، وتاريخه، وإرثه، ما يشفع له بالبقاء، والاستمرار، والخروج من تحوطات الخوف والتردد إلى سباق الإنتاج، والمنافسة، والاستثمار. الملك سلمان في المنطقة الشرقية قدّم لنا رسالة، ولغيرنا رسائل؛ من أن هذا الوطن سيبقى على عهده كبيراً، عظيماً، لا يتوقف عطاؤه، ولا ينقطع خيره، ولا تغيب شمس حضوره على العالم.. هذا الوطن الذي جمعنا تحت راية التوحيد، وشرف خدمة الحرمين الشريفين، وصدق الولاء، وصادق الانتماء، والتلاحم صفاً واحداً، وتحمّل المسؤولية للصغير قبل الكبير في الحفاظ عليه، والدفاع عنه.. هو فعلاً وطن يستحق أن نفاخر به، ونمضي معه، ونتسابق حباً إليه. الملك سلمان في الشرقية وقف على أرض الخير، حيث دشن مشروعات بمئات المليارات، وأعاد إلينا الثقة في قوة اقتصادنا، ومكانته، ورسم ملامح نهضة متحولة نحو الإنتاج وليس الاستهلاك، وثقافة العمل الحكومي النوعي في تحقيق العوائد، وتنويع مصادر الدخل، وكفاءة الإنفاق، وهي مؤشرات حيوية لنهضة جديدة قوامها الإنسان السعودي الذي رأيناه في مشروعات أرامكو حاضراً، والجبيل ورأس الخير طامحاً، والأحساء بانياً، وبقية أرجاء الوطن محتفياً بما تحقق، وسيتحقق. الوطن الذي يبني، ويدافع عن أرضه وحدوده، ويقطع الطريق على الحاسدين الطامعين فيه، وكل ذلك في وقت واحد؛ حتماً هو مختلف، ويعيش تحدياً في إثبات مقدرته، وقوته، وأيضاً تحقيق رؤيته 2030، ولن يتوقف، أو يتأخر، أو حتى يتردد في السير إلى الأمام الذي ينتظر موقعه. وجود الملك سلمان في الشرقية في هذا التوقيت، وما رأيناه من مشروعات خير ونماء، وقبلها أمن واستقرار؛ تركت في نفس كل مواطن أثراً بالغاً نحو وطنه، والثقة بإمكاناته، ويكفي أن يكون التعدين الرافد الاقتصادي الجديد لمرحلة ما بعد النفط مصدر اطمئنان، وسلامة توجه لبرنامج التحول الوطني، وكذلك صناعة البتروكيماويات هي الأخرى تفتح مجالات أوسع في تنويع قدراتها، وتعدد مستوى إنتاجياتها، واستثماراتها، ويقف بجانب ذلك كله مركز الملك عبدالعزيز العالمي الثقافي منارة مشّعة نحو بناء الإنسان، واستثماره، وتعزيز حضوره في اقتصاد المعرفة. السعودية الجديدة التي يرسم ملامحها خادم الحرمين الشريفين عنوانها الكبير تعزيز الشراكة، سواء بين الدولة والمواطن، أو الحكومة والقطاع الخاص، أو المستثمرين الأجانب، أو ما ينوي التخطيط له صندوقُ الاستثمارات العامة من فتح قنوات اتصال وإيراد للدولة مع شركات عالمية.. هذه الشراكة تقود إلى التحول في المفاهيم المجتمعية قبل إعادة توجيه العمل في المؤسسات الحكومية، وبالتالي يحصل التنوع في العائدات، وزيادة الناتج المحلي، وفرص العمل، وهي المحصلة التي نتهيأ لها في المستقبل القريب وليس البعيد. أمام كل ذلك لا مكان لمشكك، أو مأزوم، أو حاسد أن ينال من هذا الوطن، أو يثير صفه الواحد، أو يزايد أو يساوم عليه؛ لأنه ترك الأفعال ترد على الأقوال المضللة المأجورة، بل وتذهب بها إلى مكان سحيق.. دمت بخير يا وطني، ودامت قيادتك وشعبك الوفي النبيل.