قَدّمَ الراحل الشاعر والكاتب أحمد قنديل ديوانه الشعبي (المركاز) مفسراً ماذهب إليه معنى التسمية: "لما كانت (المراكيز) –جمع مركاز طبعاً- في بلادنا في وقت قريب في مقام الأندية الأدبية، ولما كان المركاز يعتبر(سوق وحارة ولدى كل مقعد وديوان أصل المجتمع في بلادنا في الأصل)، فإننا بناء على موافقة الْوادْ (كوكو) ودفاع الْيَابا (دَنْقَشْ) وشهادة الشيخ (بَرْبُورْ) وحسب اجتماع البشْكة قد اعتمدنا أخيراً تسمية مولودنا الشعبي البكر (المركاز)-ص7ج1. أحمد قنديل لم يكن شاعراً حلمنتيشيا فقط، وإنما هو أديب ضليع مارس الكتابة بأنواعها شعراً ونثراً، وبرع في الشعر الزجل –شعر شعبي _ يعتمد على اللهجة المناطقية، فكان المركاز بجزئيه ثمرة من الثمار التي يحبها (أبو القناديل) كما كان يدعوه صديق عمره محمد حسين زيدان، وهو يردها (ابو الزيادين)، وقد اصدر عدة كتب ودواوين شعرية في حياته منها (جدة عروس البحر، شمعتي تكفي، ونار الفصيح، ومكتي قبلتي، الأصداف، وغيرها من الشعر العربي ومن النثر (أبو عَرَّام والبشكة) و (الجبل الذي صار سهلاً). كان مهتما بالفن بأشكاله المسرح والغناء، عمل موظفا حكوميا، ورأس تحرير جريدة البلاد، وبعد تفرغه صارت الكتابة والصحافة والشعر، وتأليف المسرحيات والاستكشات (قناديل) قدمها التلفزيون على حلقات نالت اعجاب الجميع، واسس مؤسسة قنديل وطبع كتبه وكتب غيره (ربحان وخسران) المهم خدمة الهواية والوجود في ساحة الثقافة بالعمل المتواصل حتى آخر حياته. لولا اصدارات الشيخ عبدالمقصود خوجة، ولولا ما أصدره (= القنديل) في حياته، لذهب في النسيان وسط هذا الضباب الكثيف الذي حجب الرؤية عن نتاجات الكثير من الروَّاد _ مع كثرة الأندية الأدبية _ التي يفترض فيها مع اهتمامها بالجديد أن تراعي بين حين وآخر ماقدمه الرواد من اعمال خالدة – وهناك اسماء كثيرة غابت ولها من الكتب المهمة مايفوق جودة الكثير مما يُلَمّع ويقدم كجديد وماهو سوى جمع وتلفيق (تَرَزّزْ) حسب قول الكاتب عبدالله بخيت، والقنديل نموذج للعفة والتواصل، فلقد كانت له صداقات مع الأدباء العرب الكبار وقد أوصل كثيرا من الكتابات والكتب السعودية لأصدقائه من المثقفين العرب، وكتب عنه شيخ النّقاد العرب (مارون عبود) فليس يرجم إلا مثمر الشجر. العمل الجيد يفرض نفسه ولكن كيف يفرض نفسه إذا كانت الساحة مغلقة أمامه مما يتحتم عليه الدوران في دائرة قطرها صفر، وذلك لسبب جلب الصديق للصديق (مقايضة)، والقنديل قال مثله ومشى (كلاً يبيع خُروقو في سُوقُو) وكأنه يعرف ماستؤل إليه الحال. في بعض البلاد العربية كمصر مثلا لا زالت تذكر اسماء سيد درويش، وابو العلا محمد، وسلامة حجازي، ونجيب الريحاني، في الفن وفي مجال الفكر لطفي السيد العقاد طه حسين واحمد أمين وغيرهم. أبو القناديل ختم المركاز بقوله: "أما بعد ياعباد الله، فإن بضاعتنا المزجاة والتي هي من بلادنا وإليها تاريخ للتاريخ – يعرضها عليكم مركازنا بروحها البلدي المعبر عنه مَثَلُنَا الشعبي (ذُوقْ تِعْرِفْ) ** القنديل في مدرسة اللغات: لَقَطْتُ لي كم كلمة ثم قلتها لمن هو جنبي جالس متبحور فمن قال (قُدْنايتْ) فسوف أجيبه بقول قدنايت، وهرجي مسوكر وإن قال (هَاو آريُو) أقل لجنابه (أيَمْ فري قُود) والله بالحال أخبر *من قصيدة طويلة (ستكون لها رجعة).