امتازت المنطقة التاريخية في مدينة جدة، بوجود أنماط تواصلية مختلفة، تصور الترابط الاجتماعي، الذي تمظهر به أبناء تلك المنطقة منذ القدم. ومن بين تلك العادات التي تكاد تندثر، ولم يتبقَ منها إلا القليل، ما يعرف ب"المركاز"، الذي يمثل البرلمان الرئيسي لأهالي الحي. وعلى اختلاف أنواع هذه المراكيز ومهامها، إلا أنها تعتبر متنفسا لسكان الحارات القديمة، من ضغوطات الحياة اليومية، يجعلها أماكن لالتقاء الأصدقاء، وإيجاد حلول للمشاكل المختلفة، التي تواجه سكان الحارة. مراكيز متنوعة مساعد صادق باجوه، أحد السكان القدامى للمنطقة التاريخية في جدة، يتحدث عن المركاز، معرفا عنه بقوله: هو عبارة عن جلسة ينظمها أصحاب المنازل القديمة في منطقة البلد، في العديد من الحارات، وتتكون من مجموعة من الكراسي المتراصة بجانب بعضها البعض، وتكون بشكل متقابل. مبينا أن المركاز ينقسم لنوعين: مركاز للتسلية، ويضم الشلة، ومركاز العمدة. وتحرص عوائل جدة المعروفة قديما، على وضع هذه المراكيز مقابل منازلهم. وتختلف نوعية هذه المراكيز حسب الحالة المالية لكل أسرة، فمركاز العوائل المعروفة، عبارة عن جلسات شبيهة بما يعرف حاليا بالجلسة "المغربية"، وهناك كذلك مركاز "البشكة"، الذي تنظمه بعض الأسر أمام منازلهم، يجتمع به رجال الحارة، يتسامرون ويتبادلون الأحاديث الودية فيما بينهم، ولا تخلو هذه المراكيز من وجود المشروبات التي اعتاد عليها الزائرون.