بعد أن حدَّدنا المراد بالغرر في عقود البيع والمعاوضات المالية، والمؤثر منه وغير المؤثر في صحة هذه العقود، ومعرفة ذلك بلا شك له أثره الكبير في دراسة العقود المعاصرة؛ نذكر الآن تطبيقات معاصرة لتأثير الغرر في صحة العقود. ومن أشهر الأمثلة لهذه التطبيقات المعاصرة: عقد التأمين التجاري فجمهور المعاصرين على تحريمه، منهم: هيئة كبار العلماء بالمملكة، وكذلك المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن التعاون الإسلامي، والتعليل الرئيس الذي ترتكز عيه فتوى هذه المجامع، هو: أن عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش. وقد بينت هذه الأبحاث التي ارتكزت عليها هذه الفتوى أن الغرر الذي في التجاري هو من نوع الغرر المؤثر لأنه يدخل في عقود المعاوضات المالية؛ لا عقود التبرعات، ولذلك أجازوا عقد التأمين التعاوني. كما بينت أن الغرر الذي فيه من الضرر الكثير، ثم بينت أن الحاجة إلى التأمين، وإن كانت عامة إلا أنها غير متعينة، لأنه يوجد بدائل تتفق مع قواعد الشريعة الإسلامية. ومن الأمثلة أيضاً: البيع على المكشوف، وصورته: قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض في وقت محدَّد، وقد قالت المجامع الفقهية بحرمة هذا النوع من المعاملات، لاشتماله على بيع الإنسان مالا يملك بالإضافة إلى ما فيه من الغرر الواضح. ومن الأمثلة أيضاً: المرتب مدى الحياة، ومن خلاله يتبين الفرق بين عقود المعاوضة والتبرع، فإذا كان المرتب مدى الحياة مصدره عقد تبرع؛ جاز، وإذا كان مصدره عقد معاوضة لم يجز.