يرجع أكثر أسباب فساد العقود إلى «الغرر»، وفي كتاب بداية المجتهد لابن رشد باب بعنوان: البيوع المنهي عنها من قبل الغبن الذي سببه الغرر. وقال ابن العربي: قواعد المعاملات أربع: قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، وقوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا)، وأحاديث الغرر، واعتبار المقاصد والمصالح. وقد كان للفقهاء ثلاثة اتجاهات في تعريف الغرر: أحدها: يجعل الغرر مقصوراً على ما لا يدرى أيحصل أم لا يحصل، ويخرج عنه المجهول. وثانيها: يجعل الغرر مقصوراً على المجهول، ويخرج عنه ما شك في حصوله. وثالثها: يجمع بين الاتجاهين، فيجعل الغرر شاملاً لما لا يدرى حصوله وللمجهول. وهذا رأي أكثر الفقهاء . وقد اختار الضرير رحمه الله في رسالته الغرر وأثره على العقود «وهي من أجمع وأجود ما كتب في هذا الموضوع «اختار تعريف السرخسي للغرر وهو: ما كان مستور العاقبة. وقال: وقد فضلته على غيره من التعريفات؛ لأنه أجمعها للفروع الفقهية التي أدخلها الفقهاء تحت الغرر، مع قلة كلماته. والعقد الأساس الذي ورد النهي عن الغرر فيه؛ هو عقد البيع، مثل بيع الحصاة، والمنابذة، والملامسة، وغيرها. إلا أن أثر الغرر يمتد إلى عقود المعاوضات، فالقاعدة العامة في الفقه الإسلامي، هي: أن الغرر يؤثر في سائر عقود المعاوضات المالية، قياساً على عقد البيع الذي ورد النص بتأثير الغرر فيه. وذلك مثل: عقد السلم والاستصناع، والإجارة والشركة. وفي القسم الثاني من هذا المقال سنتحدث عن الغرر المؤثر وغير المؤثر في صحة هذه العقود مع بعض التطبيقات المعاصرة.