يكثر في هذا الزمان وغيره التعامل بين الناس بأمور تجارية مستحدثة متشعبة وهنا تلعب العقود دوراً أساسياً ومهماً كوسيلة من وسائل الاثبات وهذه العقود من أقدم الوسائل للاثبات التي عرفها الإنسان منذ قديم الزمان وقد تطورت العقود بمرور الزمن إلى ان أصبحت ظاهرة من ظواهر العصر الحديث نظراً لما يدخل عليها من التدليس والجهالة والغرر وقد يغلف هذا التدليس أو غيره بغلاف براق خادع ينخدع به كثير من الناس وقد أحببت في هذا المقالة ان أبين للقارئ الكريم بعضاً من الأساسيات والأركان والشروط المهمة لصحة العقود فأقول وبالله التوفيق مبتدأ. بالشروط التي تشترط في العقد وهي على أربعة أنواع هي: 1- شروط الانعقاد. 2- شروط الصحة. 3- شروط النفاذ. 4- شروط اللزوم. وسأعالج هذه الشروط تباعاً مع بيان الأثر المترتب على تخلف كل نوع من هذه الأنواع من الشروط. شروط الانعقاد ويشترط لانعقاد العقد توافر ركن العقد وشروط انعقاده، فإذا توافر هذا الركن مع الشروط انعقد وإلاّ كان باطلاً غير منعقد. فركن العقد عند الأحناف هو صيغته (أي الايجاب والقبول) أما عند غيرهم من الفقهاء فإن أركان العقد هي صيغته والعاقدان وتوافر الأهلية في العاقدين. وشروط الانعقاد متعددة منها ما يتعلق بالصيغة ومنها ما يتعلق بالعاقدين وما يتعلق بالمعقود عليه وتالياً شرح هذه الشروط: أ) الشروط المتعلقة بصيغة العقد: ويشترط في صيغة العقد من الايجاب والقبول توافر الشروط التالية: 1- سماع الصيغة فلا ينعقد العقد إلاّ إذا سمع كل متعاقد كلام الآخر. 2- توافق الايجاب والقبول: ويكون ذلك بقبول كل متعاقد ما أوجبه المتعاقد الآخر، وإلاّ كان العقد باطلاً لأن العقد في حقيقته توافق إيجاب وقبول. 3- اتحاد مجلس العقد: ويكون ذلك بأن يكون الايجاب والقبول في مجلس واحد دون فاصل، والا فلا ينعقد العقد، والمراد بالمجلس هنا هو المجلس المعنوي لا الحسي، وهو المحدود بمجرى الحديث مهما طال الزمن فإذا تغير الحديث عن العقد إلى غيره انقضى المجلس. ب) الشروط المتعلقة بالمتعاقدين، ويشترط في المتعاقدين ما يلي: 1- أن يكونا عاقلين ومميزين: فلا ينعقد عقد المجنون والصبي غير المميز لأنهما عديما الأهلية. 2- أن لا يكون المتعاقد أكثر من واحد: فلا ينعقد العقد بشخص واحد، بل يلزم ان يكون الإيجاب من متعاقد، والقبول من متعاقد آخر. ج) الشروط المتعلقة بالمعقود عليه: ويشترط فيه ما يلي: 1- أن يكون موجوداً حين التعاقد، فلا ينعقد بيع المعدوم، وما يكون مستحيلاً. 2- أن يكون مالاً متقوماً، أي ان يكون المعقود عليه وبدله مالاً. 3- أن يكون مالاً مملوكاً في نفسه، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً كالمباحات لاستواء حق البائع والمشتري في حق امتلاكها. شروط الصحة ويشترط الحنفية - خلافاً لجمهور الفقهاء - في العقد توافر شروط صحة، فإذا تخلف أحدها أو أكثر كان العقد فاسداً والفرق بين الجمهور ولاحناف ان الجمهوريقولون انه إذا تخلف أحد الشروط يصبح العقد باطلاً أما الأحناف فيعتبرون العقد فاسداً لأنهم يقسمون العقد إلى ثلاثة أقسام صحيح وفاسد وباطل والجمهور قسمين صحيح وباطل وشروط الصحة هي: 1- يشترط في العقد ان يكون معلوماً لكل المتعاقدين من جميع نواحيه خالياً من الجهالة الفاحشة التي تؤدي إلى فساد العقد. والجهالة الفاحشة تكون في أربعة أمور هي: أ) الجهالة في المعقود عليه كجهالة المبيع في عقد البيع. ب) الجهالة في العوض في عقود المعاوضات المالية كجهالة الثمن في عقد البيع. ج) جهالة الآجل في العقود التي يكون الأجل فيه ملزماً لطرفين كجهالة المدة المتعاقد عليها في الاجارة، وجهالة موعد استحقاق الثمن في البيع. د) جهالة وسائل التوثيق المشروطة مثل تقديم الكفيل أو الرهن بالثمن المؤجل فيجب ان يكون الكفيل والرهن معلومين والا فسد العقد. فالجهالة في هذه الأمو تؤثر في العقد وتسلبه الصحة فتجعله فاسداً. الشرط الثاني: من شروط الصحة خلو العقد من الغرر: والغرر وهو الأمر الذي يحتمل الوجود والعدم، والغرر المفسد للعقد هو ذلك الذي يتعلق بوصف في الشيء أو في مقداره. الشرط الثالث: الرضا بالا يكون المتعاقد مكرهاً: فالاكراه سبب لفساد العقد. الشرط الرابع: عدم وجود الشرط المفسد: وهو الشرط الذي لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولم يرد به النص الشرعي ولم يجر به العرف وكان فيه منفعة لأحد المتعاقدين أو لغيرهما من أهل الاستحقاق وضابطه هو ما كان فيه مبادلة مال بمال وهذا الشرط ان وقع في عقود المعاوضات كالبيع والسلم والصرف والمقايضة والاجارة والمزارعة والقسمة والصلح بمال أدى إلى فساد العقد. الشرط الخامس: ان يكون المعقود عليه مقدور التسليم دون ضرر يلحق به: فإذا تضمن العقد ايقاع ضر بالبائع عند تسليم المبيع كان العقد فاسداً لا تنتقل الملكية فيه إلاّ بالقبض والتنفيذ. شروط النفاذ وهي الشروط الواجب توافرها في العقد ليرتب آثاره وهذه الشروط هي: 1- أن يكون المتعاقد مالكاً للمعقود عليه أو مالكاً حق التصرف به كالوكيل أو الولي أو الوصي. 2- الا يتعلق بالمعقود عليه حق للغير كأن يكون المعقود عليه مرهوناً. 3- الولاية على نوع التصرف في العقد. وشروط النفاذ إذا توافرت في العقد أفاد حكمه أي أنتج آثاره وأصبح ملزماً، غير ان تخلف أحدها أو أكثر يجعل العقد موقوف النفاذ على إجازة من له الحق في إجازته. المطلب الرابع: شروط الالتزام ويشترط ليكون العقد لازماً ان يكون خالياً من أحد الخيارات التي تسوغ لأحد المتعاقدين أو لكليهما فسخ العقد والتي تثبت إما باشتراط المتعاقد كخيار الشرط وخيار التعيين أو تثبت بحقه الشرعي كخيار العيب ويسمى العقد المشتمل على خيار بالعقد غير لازم. هذا ما أحببت ايضاحه للقارئ الكريم في هذه العجالة فما كان صواباً فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. * قاضٍ