أنهى مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي أمس دورته ال22 المنعقدة في مكةالمكرمة، وذلك بإصدار الأحكام الفقهية على ست قضايا، وتأجيل النظر في قضية فقهية واحدة إلى وقتٍ آخر، إضافة إلى الخروج بمقترح بإنشاء هيئة عالمية لإقامة برامج تثقيفية للحجاج والمعتمرين قاصدي بيت الله الحرام. وتأتي أهم وأبرز الأحكام الفقهية التي صدرت عن المجمع بتوافق معظم الآراء الفقهية المشاركة في الدورة الحالية، حسم الجدل في المريض الميؤوس من برئه بإيقاف الأجهزة الطبية عنه، وذلك بالرجوع إلى الفريق الطبي الذي لا يقل عددهم عن ثلاثة أطباء ثقات. وأصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بتغيير تعريف وقت زوال صلاة الظهر، وذلك بأن يوافق عبور كامل قرص الشمس لدائرة الزوال، وظهور زيادة الظل للناظر بعد تناهي قصره. فيما تم تأجيل البت في حكم التعويض المادي عن الضرر المعنوي، أو المادي غير المباشر الناتج من الجناية أو الشكوى الكيدية إلى ندوة أخرى، وذلك لاستكمال البحث فيه من جميع جوانبه، يشارك فيها مختصون من رجال القضاء وغيرهم. وأكد المجلس في قراراته أنه لا يجوز لأي من الزوجين المسلمين عند الطلاق المطالبة بحقوق مالية غير مترتبة على الطلاق، إلا بما قررته الشريعة الإسلامية، موصين بعقد ندوة متخصصة لدرس الحقوق المالية لكل من الزوجين المسلمين عند الطلاق. وفيما يخص موضوع البيع أو التأجير بالسعر المتغير، قرر مجلس المجمع أن عقد البيع بسعرٍ آجل متغير لا يصح، بسبب الجهل بالثمن وقت العقد، ما يفضي إلى المنازعة، ويحصل معها الغرر والمخاطرة، وليست من الجهالة اليسيرة المغتفرة، إضافة إلى أن تأجيل الثمن يجعله ديناً في ذمة المشتري، وتغيُّر المؤشر بالزيادة يعني زيادة الدين بعد لزومه، ما يوقع في شبهة الربا. وأضاف: «يجوز عقد الإجارة بأجرة متغيرة مرتبطة بمؤشر منضبط معلوم للطرفين، يوضع له حد أعلى وأدنى، شريطة أن تكون أجرة الفترة الأولى محددة عند العقد، وأن تحدد أجرة كل فترة في بدايتها، إذ إن الفرق بين عقد الإجارة وعقد البيع هو أن عقد الإجارة يغتفر فيه من الغرر ما لا يغتفر في البيع، وقد أجاز الفقهاء استئجار الأجير بطعامه وكسوته، وأجازوا استئجار الظئر، بحسب العرف، ولأن عقد الإجارة متغيرة الأجرة يخلو من شبهة الربا». وأفتى المجمع بحرمة عقد المعاوضة على الالتزام ببيع عملة في المستقبل، إذ إنها حرام وباطلة، معللين ذلك بأن وسيلة المحرم محرمة، فإذا كان العقد على صرف مؤجل لا يجوز بالنص والإجماع، لأن عقد المعاوضة على الالتزام ببيع عملة في المستقبل حرام وباطل. وأشاروا إلى لجوء البعض إلى التحوط من الخسارة المحتملة التي ترجع إلى طبيعة التعامل بالعملات في العقد من الطرفين، والتي تعارض الشرع في ذلك، لأنها ثمرة عقد شابه المخاطرة والغرر، فهي مصلحة ملغاة. وفيما يخص المريض الميؤوس من برئه، أكد المجلس جواز رفع أجهزة الإنعاش إذا ثبت موت الدماغ ثبوتاً قطعياً، وإذا ظن الطبيب المختص أن الدواء ينفع المريض ولا يضره أو أن نفعه أكثر من ضرره، فإنه يشرع له مواصلة علاجه، ولو كان تأثير العلاج موقتاً. وشددوا على أنه لا يجوز إيقاف العلاج عن المريض إلا إذا قرر ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات أن العلاج يلحق الأذى بالمريض، ولا تأثير له في تحسن حاله، مع أهمية الاستمرار في رعاية المريض المتمثلة بتغذيته وإزالة الآلام، أو تخفيفها قدر الإمكان. وأفتوا بحرمة تعجيل وفاة المريض بفعل تنتهي به حياته، وهو ما يسمى ب«القتل الرحيم» وأنه محرم شرعاً بأية صورة كان، سواء أكان بطلب من المريض أم قرابته. ... ويوصي بإنشاء هيئة عالمية ل«الحجاج والمعتمرين» أوصى مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في ختام الدورة ال22، بضرورة إنشاء هيئة عالمية للتنسيق مع الجهات المختصة في العالم الإسلامي والأقليات الإسلامية، بإقامة برامج تثقيفية لقاصدي بيت الله الحرام، وتعريفهم بالأنظمة المعمول بها في بلاد الحرمين، وما ينبغي أن يكون عليه الحاج من اتباع الهدي النبوي. وشددوا على وجوب الابتعاد عن البدع والخرافات، والاهتمام بالترجمة إلى لغات تلك البلدان، مع إقامة البرامج الإعلامية التي تعين الحاج على تحصيل معرفة صحيحة عن الحج. ولفت المجلس في قراره الخامس إلى أن من أحرم بنسك حج أو عمرة، فرضاً كان أم نفلاً، فليس له أن يتحلل منه إلا بإتمامه، أو بعذر شرعي معتبر، كحصار عدو ونحوه أو مرض، ومن رفض إحرامه بغير عذر متعمداً فهو عاص لله ولرسوله، وعليه التوبة، وإتمام النسك. وأشاروا إلى أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام أثناء رفضه الإحرام، أنه على إحرامه من الفدية والجزاء والقضاء، على التفصيل المعروف عند الفقهاء.