في حديث لأحد الأصدقاء عن ندوة أدبية أقامتها إحدى المؤسسات الثقافية، قال إن تلك المؤسسة استضافت عدداً من الأدباء، وكانت يومياً (مدة الندوة أو اللقاء) تنقل أولئك الأدباء من مقر سكنهم بحافلة إلى مقر الندوة، وهناك تعقد الندوة بحضورهم إضافة إلى اثنين أو ثلاثة من أهل المدينة التي أقيمت بها، ثم يعودون بالحافلة إلى مقر سكنهم، وكان عددهم لا يتجاوز أصابع اليدين، ذلك الصديق قال لو أقيمت تلك الندوة في بهو الفندق" سكن الضيوف"، سيوفرون تكلفة النقل، ووقت الذهاب والإياب، ولن يكون هنالك مشكلة بالمقاعد لأن كثيراً من الندوات والفعاليات الثقافية ليست جاذبة. ونحن نعرف أن كثيراً من الفعاليات تعاني من قلة الحضور، الأمر ينطبق على العروض المسرحية، حيث أقيمت عدة مهرجانات مسرحية فوجئت أن الحضور هم عدد من المدعوين "ضيوف المهرجان" إضافة إلى عدد قليل جداً من المهتمين بالمسرح. أين الجمهور؟.. ولماذا لا يحضرون الفعاليات الثقافية؟.. ربما يقول البعض إن السبب هو المكان حيث إن بعض الفعاليات الثقافية تقام في أماكن يصعب الوصول إليها، لبعدها غالباً، ولكن يبدو لي ليست المشكلة المكان فقط بل هنالك أسباب أخرى من أهمها موضوع الندوة أو المحاضرة، والأسماء المشاركة فيها، إضافة إلى الدعاية والإعلان لذلك النشاط. الآن وبوجود الإعلام الجديد والتقنية الحديثة بالإمكان بث معلومات عن تلك الفعاليات الثقافية وتحفيز المتابعين لتلك الوسائل للحضور لتلك الأنشطة، على الرغم من أنه وبواسطة التقنية الحديثة بالإمكان متابعة تلك الفعاليات عن بعد، وربما هذا معقول بالنسبة للندوات الثقافية والأدبية، ولكن بالنسبة للعروض المسرحية فمن الأفضل حضور العرض المسرحي، لأن المسرح حوار مباشر بين العرض والجمهور، فهنالك الفكرة وهنالك المتعة، وللأسف المسرح في المملكة العربية السعودية فقد جمهوره منذ سنوات طويلة، وهذا لعدة أسباب أهمها قلة العروض، وتوجه بعض المسرحيين إلى عروض لا تصل للمتفرج البسيط، حيث تتجه إلى التجريب غير الواعي، وبالنسبة لبعض المسرحيات التجارية فقد كان الحضور يأتون لمشاهدة ممثل معين وليس لحضور العرض المسرحي الذي يعتمد على كثير من التهريج بما يشبه "ستاند أب كوميدي"، وبالطبع هذا غالباً لا يمثل المسرح الحقيقي الذي ضاع بين التهريج والغموض. وجود الجمهور في أي فعالية ثقافية يحقق لها النجاح، لأن المستهدف لأي فعل ثقافي هو المتلقي، والذي يمثله الجمهور في النشاطات المنبرية والعروض المسرحية، أتمنى أن تبحث المؤسسات الثقافية عن أسباب عزوف الجمهور عن حضور الفعاليات الثقافية، وأتمنى أيضاً أن تكون لدينا حركة مسرحية تجعل حضور العرض المسرحي بالحجز، وأثق بأن لدينا كثيراً من العروض الجيدة التي تقدم المتعة والفائدة وكل ما تحتاجه هو جمهور يحضر لكي يستمتع.