اقدر كثيراً جهد ومبادرة أمانة مدينة الرياض بتقديم العروض المسرحية في احتفالات عيد الفطر المبارك. ومن ثم عرض ما تميز من العروض خلال العام، وأنا واثق بأن الأمانة لم تتدخل في العروض بل كونت لجنة لاختيار العروض الجيدة مع الرغبة بأن تكون العروض جماهيرية. ولكن يبدو لي أن الأمر فهم خطأ ... ودعوني أوضح لكم ما هو هذا الخطأ... قبل أيام عرضت مسرحية هوامير مول..حرصت على حضورها لعدة أسباب.. أهمها أن النص للزميل فهد ردة الحارثي.. وبالطبع لا جدال على تجربته في التأليف والإخراج.. وكنت حريصا على أن أرى له عملا خارج ورشة المسرح بالطائف وكان هذا العمل..الأمر الثاني هو أن هذا العرض المسرحي من إخراج الزميل خالد الباز..وقد شاهدت له أعمالا متميزة. آخرها مشاركته في مهرجان الفرق الأهلية.إذا بوجود كاتب ومخرج متميزين سنشاهد عرضا متميزا..لكن للأسف..فالعرض وضع في قالب مسرح الأمانة..وهنا تحول من عرض مسرحي إلى عرض مملوء بالتهريج ومحاولة استجداء ضحكات الجمهور بإسقاطات اغلبها جنسي.. و"هوامير مول" من خلال مشاهدتي لعرضها الأول. ..سمك لبن تمرهندي..وربما هذه تؤكل وتشرب وتنبلع.. ولكن هوامير مول نص غير مترابط.. ديكور يوحي بأن المكان مدينة الرياض من خلال أبراج التلفزيون والفيصلية والمملكة.. ممثلين. ..وأقولها بصدق موهوبين.. لكن شخصياتهم غريبة. .بنغالي وشامي وإيراني و..شخصيات من التاريخ بملابس تاريخية يبيعون هواتف نقالة وصراع بين شركتي اتصالات مشهورتين في المملكة مع تقديم مقاطع من إعلاناتهم التلفزيونية.. ممثل راوي.. معه صندوق ويتحدث عن أحداث تاريخية..مستعرضا شخصيات ممسوخة من التاريخ.. يتحدثون بلهجات عامية و إن تحدثوا باللغة الفصحي فيرفعون المفعول وينصبون الفاعل...ويحرصون على الكلمات التي بها إيحاءات جنسية بحثا عن الضحك والتصفيق. يا أمانة مدينة الرياض.. يا أصدقائي المسرحيين... المسرح فن آخر غير هذا.. المسرح فن راق به الفرجة والمتعة..وكل كلمة أو حركة على المسرح يجب أن يكون لها دلالتها..وكل قطعة ديكور أو ملابس لها إيحاؤها.. أثق بأن الأمانة تبحث عن فعاليات تجلب المتعة لأهل الرياض.. وأنا أقول. . لا داعي للعروض المسرحية إذا كانت مثل هذه. وبالمناسبة ليست هذه المسرحية الوحيدة التي يوجد عليها ملاحظات وبها خروج عن النص.. بل أغلب ما قدم في السنوات السابقة عليه إلى حد ما مثل هذه الملاحظات..وإذا كان هنالك رغبة لأنشطة مسرحية. ..فهنالك "الاسكتشات" وهي المشاهد الضاحكة. ونجد مثلها في أغلب المنتزهات ولا تكلف كثيرا.. وهنالك فنانين سخروا أنفسهم لمثل هذه المشاهد بحيث يقدمون بعض المسابقات ويقلدون بعض الشخصيات. وأتمنى من أمانة مدينة الرياض توفير المبالغ التي تصرف على العروض والدعاية لها.. لتستفيد منه في بناء أكثر من قاعة تعطى أو تؤجر على وزارة الثقافة والإعلام لتقديم عروض مسرحية متميزة. وصدقوني أنا لا أنتقص من قدرات المؤلف أو المخرج أو الممثلين.. ولكن.. نريد مسرحاً حقيقياً وخالداً.. نريد مسرحا يكون امتداد لآخر المشوار وقطار الحظ وتحت الكراسي والمهابيل وللسعوديين فقط والأستاذ مكرر ومسرحيات أخرى جمعت بين المتعة و الأداء الراقي دون إسفاف.. إذا لم يوجد إلا مثل هذه المسرحية لتقدم .. فأتمنى.. أتمنى.. أن توفر الأمانة جهدها بما له علاقة مباشرة بأهل الرياض.