في البدء أقدر لأمانة مدينة الرياض جهدها وحرصها على جعل المسرح حاضراً في عيد الفطر المبارك.. وبعض أيام السنة، وكمسرحي يسعدني أن تكون هنالك حركة مسرحية في المملكة، وأقدر أيضاً جهد المسرحيين الذين أخذوا من وقتهم الثمين لتقديم ما يبهج ويسعد في أيام العيد، وبالطبع العرض المسرحي احتاج لعدة أيام للتدريب و"البروفات" لتقدم المسرحية بصورتها النهائية في أيام العيد، وهذا بكل تأكيد جعل جميع القائمين على تلك الأعمال المسرحية يبتعدون عن أسرهم في العشر الأواخر من رمضان، ولذا أقل تقدير لهؤلاء هو حضور مسرحياتهم والإشادة بها والتغاضي عن بعض الملاحظات التي قد تحسب على بعض الممثلين بسبب حماسهم واندماجهم في بعض الأدوار أمام الجمهور ليخرج بعضهم عن النص، وأصدقكم القول إنني لم أشاهد العروض المسرحية التي قدمت هذا العام ولا الأعوام السابقة بسبب تواجدي خارج مدينة الرياض، ولكن أليس عروض الأمانة دليلا واضحاً على مشروعية المسرح، إذاً لماذا لا يكون هنالك عروضاً مسرحية خلال العام، فخلال احتفالات عيد الفطر لهذا العام تم تقديم ثمان عروض مسرحية، كنت أتمنى لو قدمت هذه العروض على مدى ثمان أشهر كل شهر يقدم فيه عرض مسرحي وحبذا لو كان حضور المسرحية بتذاكر وعلى مدى خمسة عروض في الأسبوع، وفي حال نجاح المسرحية تمدد لأكثر من شهر، وفي حال إخفاقها يكتفى مثلا بأسبوع، ويكون هذا حافز لتقديم أعمال جيدة ن وبذلك يكون هنالك مسرح، وبكل تأكيد سيؤثر ذلك على الدراما في المملكة، ويكون هنالك نافذة ثقافية متاحة للجميع بصورة دائمة، الأمر يحتاج إلى تفاهم بين الأمانة ووزارة الثقافة والإعلام، إضافة إلى جهد المؤسسات الخاصة التي ستجد في المسرح وسيلة للفعل الثقافي الذي يكون له مردود مادي ومعنوي، بعض الأصدقاء ممن حضروا بعض العروض كان لهم موقف سلبي منها، وكان رد آخرين بأن العيد يحتاج إلى الفرح والتهريج، فلا بد من أن يتسم مسرح الأمانة بذلك، لأن المسرح الجاد ليس له مكان في احتفالات العيد، إذا فمن المفترض أن تقدم عروضاً أشبه بالمشاهد الخفيفة الكوميدية التي تعتمد على الارتجال، وهنا ندخل في جدل حول قيمة وأهمية هذه العروض المسرحية، لنتفق أن بعض العروض متكاملة العناصر من تأليف جيد وإخراج متميز وحضور ممتع للممثلين، بالمقابل هنالك عروض تعتمد على شعبية الممثل المشارك دون الحرص على النص الجيد وغالبية هذه العروض تعتمد على الارتجال، من تلك العروض ما قدم في السنوات الماضية بمشاركة فنانين من الخليج وبالذات الكويت، وأنا لا أعترض على مشاركة الفنانين العرب بصورة عامة، بل على آلية التنفيذ التي تعتمد على الارتجال، ولو تابعنا المسرح القطري لوجدنا بعض العروض التي يشارك فيها فنانين من قطر والكويت، ولكن تلك العروض ليست ارتجالية بل معد ومخطط لها.. وتنفذ في مدة طويلة، وكثير منها متميز، ولكن ما يحدث في بعض مسرحيات الأمانة هو مجرد وقوف الفنان على خشبة المسرح لإضحاك الجمهور، وهذا يمكن أن يقدمه نجوم "التوك شو" و "اليوتيوب"، الذين حققوا حضوراً جماهيرياً يعتمد على قدراتهم على السخرية ومناقشة كثير من القضايا بدون فعل درامي، وأن حين أطرح هذا الرأي فهو بسبب الحفاظ على قيمة المسرح في المملكة، وتقدير جهد كثير من الفنانين المبدعين الذين من المفترض أن يكون عملهم المسرحي حاضراً لفترة طويلة، وليست ثلاثة أيام العيد، والدعم الذي يقدم لمسرحيات العيد، من الأفضل أن يوزع على بقية أيام السنة، ويسند بما يتحصل عليه العرض المسرحي من قيمة التذاكر. أعتقد بعد ذلك ستكون جميع أيام العام أعياداً، وكل عام وأنتم بخير.