على مر التاريخ الطويل درجت الملاعب السعودية على إبراز اللاعبين المهرة والمواهب التي تعج والتي قادت المنتخبات والأندية لتحقيق انجازات عدة أمثال المدافع صالح النعيمة والمهاجمون ماجد عبدالله يوسف الثنيان وسامي الجابر ونواف ولاعبو الوسط التمياط وخالد مسعد وفهد الغشيان وغيرهم من النجوم، ولكن في الآونة الأخيرة ضعفت بل واختفت المواهب الشابة، وبات من العادة ألا نشاهد هذه المواهب تأخذ مكانها الطبيعي بين الكبار إلا ما ندر، وامتد ذلك ليصل إلى دوريات الدرجات الأولى والثانية والمناطق، فطغت ظاهرة تدوير اللاعبين المستهلكين بين الأندية مع كل فترة انتقال من دون انقطاع، ولم تبرز أي موهبة باستثناء لاعبي الاحتراف العشوائي، والعقود المليونية الذين يكلفون الأندية مزيداً من الديون التي تثقل كاهلها في سبيل البحث عن لاعبين جاهزين في مختلف المراكز. عددًا من المدربين والإعلاميين حمل بعضهم الأندية والمدارس والبيئة السبب، وآخرون حملوا اتحاد الكرة وهيئة الرياضة وقلة الكشافين السبب، عن ذلك يقول المدرب الوطني بندر الأحمدي في البداية: "المواهب موجودة وبكثرة في الحواري والمدارس وملاعب الأندية، ولكن تحتاج لمزيد من الاهتمام والتوجيه للاستمرار في الملاعب، و"الحواري" تعد كنزا ولكن المواهب لم تأخذ نصيبها في الظهور". فيما قال المدرب حمود الصيعري: "اعتقد أن المواهب مازالت موجودة ولَم تختف وقلت ذلك أكثر من مرة انه في السابق كان ظهور المواهب من خلال دوريات المدارس والحواري ولكن مع اختفائها وقله ملاعب الحواري وغياب الكشافين من الطبيعي أن يقل ظهورهم، وبعد ذلك تأتي الأسباب الجوهرية والتي تتحملها الأندية بمشاركه اتحاد اللعبة وهي ضعف العمل في مدارس الكرة والأكاديميات فلا ميزانيات مالية معتمدة ولا بنية تحتية وكبيرة تساعد على العمل المنظم والكل يشاهد قله الصرف المالي على القطاعات السنية وندرة الملاعب والقاعات والتجهيزات في الأندية التي تساعد على تنفيذ البرامج التدريبية بدقة". وأضاف: "أهم العوامل اعتقد عدم الاهتمام بالمدارس التدريبية ونوعية المدربين التي تشرف على صقل الصغار الأندية تختار الأجهزة الأقل تكلفة عكس الدول المتقدمة التي يكون لديها أفضل الأجهزة الفنية والإدارية المتمكنة حتى لو صرفت عليهم مبالغ مالية كبيرة واغلب ولن أقول الكل من إدارات الاندية ينظرون للفريق الأول لتحقيق الإنجازات الوقتية التي تخدم النادي بشكل خاص ولا يهتمون بالعمل طويل الأمد الذي يخدم الوطن بشكل عام". المواهب موجودة تطرق عضو اللجنة الفنية بالاتحاد السعودي لكرة القدم علي كميخ إلى ان المواهب الكروية مازالت موجودة في الأندية والحواري ولم تغب عن المشهد وقال: "ملاعبنا مازالت تزخر بالكثير من المواهب والتي تحتاج لأمور كثيرة داخل وخارج الملعب للبروز والاستمرار، ولكن الأندية تبحث عن اللاعب الجاهز لتحقيق نتائج سريعة". وحمل الإعلامي عبد الرحمن الزهراني مسؤولية وأد المواهب في الكرة السعودية لمنظومة الرياضة وقال: "أمانات المناطق والمدن تعد جزءا من نظام البناء الصلد والوزر الأكبر في غياب المواهب يتحمله رؤساء بطولات "الأكلات والهبشات" السريعة الجدد، يأتون ليبنون لأنفسهم مجدا عاجلا يبقيهم في الذاكرة ويحضرون أدوات نجاحهم عبر "مطانيخ النجوم" الأجانب واللزق بالمواهب المحلية الجاهزة ويرون أن الرؤساء السابقين ومن صبروا واخرجوا للساحات ماجد والثنيان وغيرهم هم من قوم "صبرنا" ولا أنسى بأن عدم قيام الكشافين بدورهم مع ذوي النظرة الفنية اللماحة ومن كان لهم دور لا ينسى وحضر "سماسرة البيع العاجل" واختلط حابل الكشاف بنابل السمسار ودخل المعترك إعلاميون وأصدقاء وأبناء عمومة". وأضاف: "غياب تخطيط هيئة الرياضة واتحاد كرة القدم كان بعيدا عن تطوير الفئات السنية واكتفى بالأبجديات الظاهرية "دوري ماشي وبطولة وكفى"... ولم يدخل أو يستفد من تجارب من سبقناهم وسبقونا وتحديدا اليابانيين والصينيين والكوريين إذ بدأ العمل عندهم بالقاعدة وإحضار الأكاديميات والخبرات العالمية لصناعة النجم وفق نظرية بناء فكري وعقلي وثقافي يشعر هذا الصغير بأنه جزء من صناع حضارة بلاده وان العار سيلاحقه إذا لم يكن وفيا لمهنته وعلى سبيل المثال بدأت انطلاقة الكرة اليابانية من خلال ابتعاث 3000 لاعب ناشئ إلى البرازيل وتحملت التكاليف الحكومة والشركات وحين عادوا أثمر الزرع والزارع والزارع.. وما زال الابتعاث قائما وفتحوا مصراع الأكاديميات للشركات والأفراد والدول الراغبة وعندنا سمعنا بهبة الأكاديميات التي بشرونا بها من خمسة أعوام وما زالت تراوح في الأدراج ووضعوا لها أنظمة "قراقوشية" وغابت وغاب "طاريها". وتساءل الزهراني: طالما أمانات المناطق تملك أراضي جرداء فما يمنع أن نخلق ونصنع فكرة والاستثمار الرياضي من خلال إنشاء ملاعب الأحياء وبسعر يمكن الجميع من ممارستها ودخول القطاع الخاص إلى المدارس المقفلة من خلال استئجار ملاعبها في المساء وجعله متنفسا للحارة وشبابها.. بالمجمل فلا نهوض بالكرة السعودية من دون حضور القاعدة الموهوبة وخلال فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات الميلادية تقارب اهتمام رعاية الشباب في حينه بكل الفئات كبارا وصغار فسيطرنا على بطولات آسيا وحققنا أعظم انجاز تاريخي كأس العالم للشباب عام1989، ثم لماذا غاب مدربو النخبة كالعملاق بروشتش في الدرجات السنية في المنتخبات والأندية، فمدرب الناشئين في كرتنا هو مدرب طوارئ ويخرج أحيانا من دون صرف حقوقه والأمل سيبقى معقودا ببشائر الخصخصة وتحويل فكر مسير النادي من باحث عن المجد إلى صانع للمستقبل وحضور فكر الجماعة وغياب فكر الفرد". ماجد عبدالله