تحاول الدوحة أن تقلب الطاولة، كطفل طائش لا يدرك تماماً تبعات تصريحات مسؤوليها الذين يبذلون قصارى جهدهم لتدويل القضية في تبجح واضح وصريح، بعد أن ارتمت كعادتها في حضن الحليف الأكبر لها إيران، ويبدو أنها ستعاند من أجل الوقوف في الجبهة المعادية للأمة العربية لبعض الوقت، والتقت «الرياض» د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، لتحليل آخر مستجدات المشهد الحالي.. وإلى نص الحوار: *كيف ترى توسيع نطاق الأزمة ومحاولة إخراجها من العباءة العربية؟ -أظن أن توسيع نطاق الأزمة يخدم قطر، ومحاولة المراوغة السياسية التي تتبعها قطر في منتهى الذكاء، لأنهم استعانوا بعدد من خبراء الإدارات الأميركية السابقة في التعامل مع إدارات الأزمة، واستعانوا بعدد من الخبراء الإيرانيين أيضاً المتخصصين في إدارة التفاوض وهم الذين وضعوا الاستراتيجية الراهنة التي تتعامل بها الحكومة القطرية. *وبالنسبة لتصريحات وزير خارجية قطر «المكابرة» والتصلب في موقف الدوحة؟ -انتقلت السياسة القطرية من موقف المدافع إلى الهجوم ووضعت شروطا لبداية أي حوار، ومنها رفع المقاطعة التي يسمونها «حصار» -والسيد عادل الجبير كان واضحا كل الوضوح باعتباره عميد الدبلوماسية العربية ويعرف جيدا كيف يتعامل وطرح القضية كقضية مقاطعة وليست حصارا- وعاد القطريون للترويج لضرورة رفع الحصار وليس المقاطعة، وعدم المساس بالسياسة الخارجية، وعدم المساس بالأدوات والأذرع الإعلامية «قناة الجزيرة»، وهذا معناه أنهم بدأوا في وضع الشروط في مواجهة الدول المقاطعة، وبناء عليه يجب التحسب إلى أن القطريين سيسعون في الفترة المقبلة إلى توسيع نطاق الأزمة وتشعيب أطرافها ومحاولة عدم الالتزام بشئ. *ما تقييمك لمضمون الخطاب السياسي القطري؟ -بتحليل مضمون الخطاب السياسي، فحتى اليوم ستكتشف عدة أمور: أولا قطر غير جادة في التقارب مع العالم العربي، ثانيا فصل ما هو خليجي عن ما هو غير خليجي، ثالثا محاولة تقسيم الموقف إلى مع وضد، تحويل الامر الى سياسة محاور، وهذا معناه أنها تريد أن تضرب مجلس التعاون الخليجي في مقتل، وبناء عليه يجب التحسب إلى هذه الخطوة، في نفس التوقيت الذي طالبت بإيجاد الدلائل والبراهين والقرائن الموجهة للسياسية القطرية، وأظن أن هذا الأمر معلوم، وأعلنه السيد عادل الجبير منذ أيام، أن هناك قائمة كاملة ستعلن، وشكاوى جديدة. *وكيف يمكن تحقيق تماسك الموقف الخليجي في الفترة المقبلة؟ -أعتقد أن تماسك الموقف الخليجي يبنى على أساس 3 نقاط رئيسية: أولا تماسك على مستوى «مصر السعودية الإمارات» وبالتالي لقاء الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالقاهرة مطلع الأسبوع مهم جداً البناء عليه، والتحركات مع الشقيقة السعودية أيضاً يصب في هذا الاتجاه، هناك مساعي مصرية إماراتية سعودية لتطوير فكرة المقاطعة والتعامل معها إذا استمر الخطاب القطري بهذه الصورة، ونحن نملك أوراق ضغط نستطيع أن نتعامل بها، وحتى الآن الأزمة لم تصعد عربيا، فالموقف السلبي والهجوم على الجامعة العربية يجعلنا نطالب بعقد قمة عربية مصغرة وهذا مطروح، لبناء موقف عربي كامل تجاه السياسات القطرية، ولن يكون مقتصرا على دول الخليج بالإضافة لمصر. ثانيا مصر أحد الأطراف الموجودة في مجلس الأمن، وبالتالي سيكون لها دورا مباشرا في تصعيد الأمر خلال مجلس السلم والأمن، ويكون لها دوراً في هذا الإطار تستطيع أن تبني عليه في الفترة المقبلة. ثالثا أظن أن تطوير هذه الأدوات سيعتمد على موقفا سعوديا مصريا إماراتيا بالأساس، ويعلم القطريون هذا، وبناء عليه هم يرتبون لمحاولة الخروج من الدائرة المحصورة التي هم بداخلها، لأن هناك إجراءات رادعة لن تتوقف على مجرد الإجراءات العقابية، ليست المقاطعة برا وبحرا وجوا فقط، وسيكون هناك تداعيات كثيرة. *وماذا عن إيران كلاعب في هذه الأزمة؟ -ايران لا تزال تتحسس خطواتها بصورة أو بأخرى، نظريا هي تقف مع الجانب القطري، والإيرانيون يريدون أن يعودوا للواجهة الخليجية لرفع حالة العقوبات المفروضة وتوصيل رسالة للإدارة الأميركية أنهم قادرين على التعامل مع إدارة الأزمة بصورة أو بأخرى، لكن أظن أن لكل طرف من الأطراف الإقليمية مصالح، الأتراك لديهم مصالح عسكرية واستراتيجية وتحقيق مكاسب اقتصادية في إدارة الأزمة، وإيران لديها مصالح اقتصادية واستراتيجية ومحاولة مخاطبة الرأي العام الأميركي برفع العقوبات وإنجاح الاتفاق النووي هو الأساس بالنسبة لهم، وليس قطر أو غير قطر. *وكيف تقيم جهود الوساطة لحل الأزمة؟ -ربما الوساطات ستتجمد بعد قليل، لأن الوساطة لها شروط، ولها جدول أعمال يوضع عليه، حيث التوافق المشترك ثم تفكيك عناصر الأزمة، كل ما هنالك أن مجهودات الوساطة التي بذلت مجهودات محمودة لكن في سياق خاص. *قطر قالت إنها سلمت ملفات بأضرار المقاطعة لمنظمات حقوقية.. كيف تقرأ تلك التصريحات الغريبة؟ -كلام فارغ في إطار المراوغات، بالطبع هم تكلفوا في تشغيل خطين للنقل مع عمان لاستقبال البضائع والحاويات، وفتح الممرات مع إيران للطيران القطري، ولكن الحديث عن توفير السلع كلام فارغ، ولن يكون هناك ردود فعل وحساب لأي تكلفة على قطر إلا بعد 3 أشهر على الأقل من بداية قطع العلاقات.