لعبة كرة القدم وكل ما يتعلق بشؤونها ليست من العلوم الصعبة والمعادلات التي تحتاج لأكثر من درس ولأكثر من خبير ليوجد حلولها، إنها سلسة للواعي بسيطة للعاقل ومعقدة عند الذين لا يرون في طبيعة الحديث عنها سوى استغلال ما يمكن أن يكون مفيداً لأقلامهم حتى وإن جاء عن طريق يخالف طريقها السالك. * إعلامياً لم نعد نهتم بوضع هذه اللعبة ومنافسات أنديتها في القالب الذي تحبه النفس البشرية بقدر ما نسعى للزج بها في صيغة الاختلاف وافتعال الأزمات والعزف بعبارات التشكيك ومفردة الاستفزاز، إما لإدارة أو لرئيس أو لجمهور أو لأندية ننتقيها بمقياس معرفتنا بردة فعلها صوب أي مقال أو صوت يتعارض مع ما تبحث عنه. * بعضنا ذكي يجيد حبك حروف مقالاته بما يحقق له مبتغى الصيت والشهرة وبعضنا مسالم وثالث بيننا لا مع هذا ولا مع ذاك تراه يلبي ما يطلبه صوت التعصب في المدرجات وكأنه الوصي الأوحد على ناديه المفضل. * إن واقع كتابة الرأي الصحافي بات يتجه إن لم يكن اتجه بالفعل إلى مرحلة دونية والأغلبية من كتاب اليوم توافدوا إلى وسائل الإعلام الرياضية ليس لأنهم مؤهلون بأدوات كتابة الرأي وأساليبه وطرقه بل لأنهم وجدوا كل الفرص سانحة ومتاحة بعد أن تم إسقاط الشروط الواجب توافرها في من يحمل القلم ويمثل السلطة الرابعة ويقدم من الفكر الناضج ما يلائم أهميتها وتأثيرها في صقل العقول وتنوير أصحابها. * هذه المشكلة لا تقع على كاهل هؤلاء المتناثرين بين أوراق صحافتنا الرياضية بقدر ما تقع على من أوجدهم وسهل المهمة لهم ليكملوا الفراغات بما يضاعف من حجم التعصب والاحتقان وإثارة الفوضى الصاخبة التي لم تكن لتتواجد لولا الإخلال المتعمد بماهية الكتابة وأدواتها. * إذا كان الاتحاد السعودي لكرة القدم نجح في تعديل مسار اللوائح وبدأ في مرحلة الانتقال إلى ما يحقق الفائدة الاحترافية لهذه اللعبة المفضلة وصاحبة الشعبية الجماهيرية الجارفة فإن الوضع الإعلامي هو الآخر يحتاج إلى ترميم وإلى تنقية تستهدف الارتقاء برسالته أما أن يستمر الحال على منوال ما نتعايش معه اليوم فهذا يعني زيادة معدل الإسفاف والإسقاط والتجاوز. * الحرية فيما يطرح في الإعلام بكل تفرعاته جيدة بل مطلوبة لكن عملية استغلالها على طريقة بعض المنفلتين بيننا لن تصبح مقبولة وبالتالي حان الوقت لنجد القلم الصحافي محترفاً في انتقاء عباراته النقدية ومحترماً المهنة التي يمثلها، فهل نرى ذلك؟ نقول يا كريم يتحقق ذلك وسلامتكم..