بيّنتُ في مقالة سابقة كيف زجّت القوى المتحكمة في الدوحة بإعلامها الرياضي في معمعة الخلاف السياسي الخليجي، وكيف استخدمته كأداة تأجيج وتأزيم، وحرب ودعاية، وتضليل وتدليس، فضلا عن بعض الأساليب الدعائية الرخيصة التي مارسها الإعلام الرياضي "المتقطرن" ضد المملكة العربية السعودية، وكيف قامت القوى المتحكمة بتسخير الخطاب الرياضي لخدمة مساعيها الخبيثة في النيل من المجتمع السعودي وثوابت عقيدته الدينية عبر محاولة فاشلة لإلصاق تهمة الإرهاب بهما. ومن جملة ردود الفعل التي جاءتني، زعم أحد الزملاء أن الإعلام الرياضي القطري ظل محافظًا على استقلاليته وامانته في تأدية رسالته المهنية على طول خط الأزمة السياسية، وطالبني بإثبات ما أوردته في تلك المقالة. وليكون الرد على مزاعمه أبلغ ما يكون، أجريت دراسة تحليل مضمون الصحافة الرياضية القطرية خلال الفترة التي سبقت كتابة المقالة، وحصرت العينة في الأعداد التي صدرت من السبت العاشر يونيو 2017 إلى ال 17 من الشهر ذاته من الملحق الرياضي لصحيفة الراية، والملحق الرياضي لصحيفة العرب. وقبل استعراض البيانات والنتائج التي توصلت إليها، تجدر الإشارة إلى أنني أجريت الدراسة وفق الأسس والأطر الموضوعية، متوخيًا أعلى معايير الدقة والصدق والثبات بهدف الحصول على نتائج حقيقية لا يمكن تكذيبها أو الطعن فيها، كما راعيت أثناء عملية حصر التكرارات بعض المواقف والاتجاهات النفسية لدى الشعب القطري، ما جعل النتائج تعكس الحد الأدنى من الصبغة السياسية في الخطاب الرياضي للصحافة القطرية، مع تحقيق أعلى درجات الصدق والموضوعية. وأثبتت العينة قيام الصحيفتين القطريتين في ملاحقهما الرياضية بنشر 135 عنوانًا يحمل مضامين سياسية، و79 مفردة مسيئة، و90 اتهامًا لأفراد وجهات من المملكة العربية السعودية والامارات والبحرين. والساعي إلى إثبات تسيس الإعلام الرياضي القطري لن يواجه أية صعوبة، حيث يوجد 135 عنوانًا يحمل مضامين سياسية في عينة الدراسة، وهذا الكم الكبير من العناوين في عينة مداها الزمني ثمانية أيام فقط يكشف بجلاء كيف ان الإعلام الرياضي انحرف عن مساره وأصبح إعلامًا مسيسًا بامتياز، ومن يرى غير ذلك فهو أعمى ولا يحمل بين كتفيه رأسًا به ذرة من عقل. وكشفت الدراسة عن توجيه الصحف الرياضية محل العينة ل90 اتهاما تتراوح في حجمها وخطورتها بين الحقد والحسد والافتراء والكذب والتآمر وايقاع الظلم والعداء للإنسانية، إلى اتهام المملكة العربية السعودية بدعم الإرهاب من دون أن تورد دليلًا واحدًا على أي من هذه الاتهامات! ولا يمكن لأي صحيفة كانت، سواء رياضية أم غير رياضية، أن توجه مثل هذه الاتهامات الفجة والخطيرة من دون أن تأتي بالدليل القاطع، والجميع يعلم أن "الراية" لن تستطيع الإتيان بأي دليل - ولو ضعيف - على ادعاءاتها ومزاعمها الكاذبة، لأن الأيادي السعودية ناصعة، ولأن المملكة العربية السعودية وملوكها العدول العظماء يملكون سجلًا حافلًأ في مكافحة الإرهاب والتطرف. والتفسير الوحيد لهذه المزاعم هو محاولة الهروب للأمام بالتملص من التهمة وإلصاقها بالغير. صحفي بحريني*