لم يمض الكثير من الوقت على البيان الصادر من المكتب الحكومي القطري الذي خاطب فيه القطريين بضرورة التزام الأخلاق والتعامل الحسن مع الدول التي اتخذت قرار المقاطعة الأخير، حتى بادرت صحيفة الراية القطرية إلى تجاوز هذا البيان وتوجيه اتهامات بالإرهاب للاعبي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، بعد تجاهلهم الوقوف دقيقة حداد قبل مواجهة أستراليا الأخيرة، وعنونت الصحيفة على مدى يومين متتاليين: "ازدراء عالمي للتصرف الإرهابي السعودي"، وأظهر الإعلام القطري احتفاله بهذه الحادثة على الرغم من اعتذار اتحاد الكرة السعودي عنها، وتأكيده أن ما حدث لم يكن مقصوداً على الإطلاق. هذه الحادثة جاءت لتكشف مجدداً على أن الاتفاقيات والبيانات القطرية لا تعدو كونها حبراً على ورق، فلم يمض أكثر من يوم على البيان الذي تلبّست فيه الحكومة القطرية بثوب المحبة وزعمها نشر السلام بين الدول الخليجية حتى أظهر الإعلام الرياضي "المتقطرن" الوجه القبيح له من خلال الهجوم الغاشم على لاعبي المنتخب السعودي بعد الموقف الأخير، وتناسى أنّ هؤلاء النجوم السعوديين الأصل والمنشأ ساهموا في تحقيق الكثير من المنجزات للكرة في بلادهم، وقد استعان الاتحاد القطري بهم وبغيرهم من النجوم السابقين لرفع مستوى لعبة كرة القدم لديه، ففي أعوامٍ مضت وضع هذا الاتحاد استثناءً للأندية القطرية بالتعاقد مع لاعبين سعوديين بعد ختام منافسات كرة القدم بالسعودية لتمثيل الأندية في مسابقة كأس الأمير وكأس ولي العهد، فكان من السعوديين الذين احترفوا في قطر المدافعان عبدالله الشريدة، والراحل محمد الخليوي مع نادي الاتحاد القطري، فيما ارتدى المدافع محمد الحمدان قميص الريان، ومثّل صالح الداود السد، ولعب سامي الجابر في الاتحاد القطري برفقة لاعب الوسط فهد الزهراني، إلى جانب تيسير الجاسم، وحسين عبد الغني، ونايف القاضي، وعلي الخيبري، وطلال المشعل، ومرزوق العتيبي، وعدد كبير من نجوم الكرة السعودية السابقين. وتجاوز دعم الرياضة القطرية إلى ملاعب الحواري فقد استعانت الرياضة بالعديد من مواليد السعودية من جنسيات أخرى واستقطبتهم حتى باتوا ركائز أساسية في المنتخب الأول القطري مثل الحارس محمد صقر، والمهاجمين يوسف أحمد، وماجد محمد، ومجدي صديق، وساهم بعض هؤلاء في أحد أبرز إنجازات الكرة القطرية في الأعوام الأخيرة بعد تتويجهم مع السد ببطولة دوري أبطال آسيا، وحصولهم على المركز الثالث في كأس العالم للأندية. دعم الرياضة السعودية لنظيرتها القطرية لم يقتصر على اللاعبين، بل تجاوزه بالتسويق ففي أواخر عام 2016 احتضنت الدوحة لقاءً ودياً بين الأهلي السعودي وبرشلونة الإسباني بناءً على الشعبية الجارفة التي تتمتع بها الأندية السعودية في الخليج العربي. وعلى الرغم من هذا التسلسل التاريخي لدعم الرياضة السعودية للرياضة القطرية إلا أنّ الإعلام "المتقطرن" كان على مدى أعوام ماضية يعمل ضد الرياضة السعودية، من خلال بث سموم التعصب في برامجه الفضائية، وتخصيصها في الغالب لفئة المتعصبين الذين يسعون لإثارة البلبلة ضد بعض الأندية السعودية والتشكيك في المنجزات التي تحققها أنديتنا الرياضية والبعض ربما لا يعلم عن المخطط القطري القبيج شيئاً، إلى جانب تعمد إثارة المواضيع والتدخل في شؤون الرياضة السعودية الداخلية. في المقابل لا يولي الإعلام السعودي أي اهتمام لرياضة قطر مطلقاً، ولم يسبق أن خصصت قناة سعودية أي حلقة لمناقشة الدوري أو الرياضة القطرية بشكل عام، آخر إساءات إعلام "القطرنة" حين تهجموا على ثلاثة أساطير سعوديين وهم: ماجد عبدالله، ويوسف الثنيان، وفهد الهريفي، ووصفوهم ب "نجوم بلا قيم" بعد أن وقف هؤلاء الثلاثة في صف الوطن، ودافعوا عنه كما وقف غيرهم من الرياضيين والفنانين ورجال الدين وبقية أفراد الشعب، فهل ظنّ إعلام "القطرنة" أن علاقة نجومنا بالوطن هي مجرد ملعب ومضمار ومدرجات وبطولات ؟! هؤلاء النجوم هم سعوديون الأصل والمنشأ، ولم يحصلوا على الجنسية السعودية لأداء مهمة رياضية تنتهي معها وطنيتهم، وربما عادوا بعدها إلى أوطانهم الأصلية، وموقف ماجد والثنيان والهريفي ونواف التمياط وغيرهم من النجوم الكبار كان موقفاً ينم عن شهامة وشرف مواطنين سعوديين، ولاؤهم الكبير للأسرة الحاكمة، ولهذه الأرض المباركة، ولن يقبلوا أبداً بالإساءة لها من دون أن يكون لهم حضور في سبيل الدفاع عن الوطن، وبموقفهم المشّرف هذا ضربوا مثلاً بالشهامة والشرف وعدم المجاملة على حساب الوطن، ولا يمكن أن يصدر هذا الموقف الشجاع إلا من شخص يتمثل جيداً بالقيم والمبادئ والأخلاق، وهي التي لا تدرّس في جامعة، ولا تمنح هبةً مع جنسية دولة. كان هجوم إعلام قطر الأخير ضد نجومنا، ومن بعدها وصفهم لمنتخب السعودي الأول ب"الإرهابيين" هو كشف للوجه القبيح لهذا الإعلام الذي ظل لأعوام مستتراً خلف ثوب المثالية الزائف، ويدعي أنه حريص على الرياضة بالمملكة، وأنه محب لأي نجاح يحققه المنتخب السعودي.