منذُ أن بُدئ الخلق والإنسان يسعى وراء تحقيق طموحه ومراده، سواءً للعيش أو للوصول للعلياء، فلولا هذا الأمر لَما شُيدت الجبال بيوتاً ولَما استطاع الإنسان القديم أن يكتشف صناعة النار عن طريق احتكاك الأحجار التي بدورها تطلق شرارة لإشعال الحطب. الطموح سمة سامية -إن كانت في الحق- فبها عُمرت دول ومجتمعات، وبنيت على إثرها الحضارات، ولن يستطيع الإنسان أن يحقق طموحه إلا إن كانت لديه مثابرة واجتهاد؛ لأن الكسل والخمول لن يحققا أي نتيجة، والدافع القوي لتحقيق الطموح هو الخوف من المستقبل المظلم وحب الذات، ذاك الحب السامي. ولكن إن لم يسعَ الفرد لتحقيق طموحه وكسر حاجز الرهبة من الفشل أو أن يتكاسل ويقول لنفسه "بأنه لن يحدث من هذا الأمر من شيء، ولن ينجح! ولن يجد من يساعده ولن.." فإنه بهذا سيبقى رجعيا وأيضا لا يحب نفسه بل عدو نفسه ولا يريد التقدم. ولذلك فإن السعي خلف الطموح فيه عثرات، ومخاوف، وحواجز كثيرة، وربما دموع وحزن وترقب بعين الانتظار للفرح، ومن أجل الطموح يجب أن يكتنز الفرد لنفسه حب المثابرة والعمل والاجتهاد بها وشيئا من المغامرة، والأهم ضبط النفس للاستمرار. وعليه فإن الطموح مفردة مقاربة للنجاح.. يقول المتنبي في ذلك: إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمرٍ حقير كطعم الموت في أمرٍ عظيم ويقول أيضا: واذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام وقال جبران خليل جبران الشاعر: "إنما القصد من الوجود الطموح إلى ما وراء الوجود". وأخيرا الطموح خلفه أشياء كثيرة، وستعظم بعينك الصغائر لتردعك عن مسعاك، ولذلك القتال من أجل الوصول إلى الطموح وراءه المثابرة والعمل.