رغم كل ما تمر به بلادنا من تحديات داخلية وتهديدات إقليمية، وفي الوقت الذي يخوض فيها أبناؤنا على الحد الجنوبي معركة الشرف في الدفاع عن السيادة والذود عن الأرض ضد عصابات الإرهاب والإجرام، أثبت الإنسان السعودي قدرته على التفاؤل، ونجح في صناعة مساحات كبيرة من الفرح التي تألقت عبر مهرجانات العيد المبارك في جميع مناطق المملكة صغيرها وكبيرها وسطعت في كل الأنحاء كان الفرح عنواناً ثابتاً يعبر عن استقرار الجبهة الداخلية، وشعاراً تخرج من خلاله كل مكنونات الخير لترسم البسمة على وجوه مختلف الشرائح، من شباب وشيوخ، رجال ونساء، كبار وأطفال، رأوا في هذه المهرجانات فرصة للتكاتف، وتعبيراً عما يمتلكونه من إرث تقليدي يتغلب على كل المصاعب. نجحت جميع البلديات في المملكة في تجديد ما نمتلكه من مقومات جديرة بالعناية والالتفات عبر مهرجاناتها المتنوعة، وكشفت على أن المخزون التراثي المتدفق متعدد الاتجاهات، هو الأساس الحضاري لبناء عقول راقية، ونفوس صافية بعيدة عن ملوثات التضليل أو التحقير والتسفيه، وكانت شراكة البلديات الفاعلة مع الجهات ذات الصلة، مثل وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الرياضة وجمعية الثقافة والفنون وهيئة الترفية؛ علامة بارزة لتطوير الكثير من البرامج والفعاليات التي انتشرت في أنحاء المملكة، مؤكدة بخطواتها المتسارعة، قدرتها على خروج المواطن السعودي من الأقبية العتيقة، وكسر الجمود والرتابة التي كانت تعيشها المهرجات المحلية سابقاً، والأهم مواكبة العقلية العالمية التي تتعامل مع مفهوم الترفيه كصناعة مؤثرة، وأسلوب حياة يعيد صياغة النفس والعقل معاً بأسلوب محترم وهادف ويحترم خصوصيات المجتمع. وكان لافتاً للغاية، تفاعل الجمهور السعودي المتعطش لهكذا فعاليات، مع كافة البرامج، والتعامل معها ضمن إطارات مجتمعنا وبما لا يخل بها، بل يضع أقدامنا على خارطة السياحة الداخلية الجاذبة، ومعها الخليجية أيضاً. علينا أن نؤمن، أن لدينا إضافة لمخزوننا التراثي والثقافي والفني المتجذر في أعماق أرضنا الطيبة، طاقات هائلة متعددة الاتجاهات والمواهب، تنتظر فقط فرصة البروز أو إثبات الوجود، وحريٌّ بها أن تجد التشجيع والتصفيق من جمهور بلادها المتعطش أولاً، قبل أن تنتظر هذا التصفيق في عواصم عربية أو أجنبية أخرى. وعلينا أن نفهم، أن ضرورات النجاح تقتضي توافر عنصري القدرة والرغبة، ولا غنى لأحدهما عن الآخر.. لدينا الرغبة الشديدة في النهوض ومواكبة العالم من حولنا، ولدينا أيضاً القدرة التي لا تقل عما يمتلكه الآخرون.. هكذا أثبتت التجارب لنواصل النجاح وننثر الفرح لنا ولوطننا. وقفة شدني حديث الفنان عبدالله رشاد عندما كان يتحدث عن كيفية التعاون ودعم النشاطات الفنية وغيرها من الفنون لنجاح مهرجاناتنا الشعبية في كل المناسبات.