لتخصص الأكاديمي وإلى وقت قريب كان بمثابة البوابة التي ترسم معالم مستقبل الشخص، إما أن يكون الطالب في كليات النخبة المرغوبة في سوق العمل أو أن يكون في كليات ترى جهات التوظيف أن الشخص غير ملائم لعدم التخصص. هذه النظرة التقليدية في التوظيف باتت في انحسار، فخلال السنوات الماضية على سبيل المثال انخفضت أهمية ماجستير إدارة الأعمال والتي كانت بمثابة شهادة جدارة لتولي منصب قيادي في العديد من الشركات في القطاع الخاص وباتت المهارات المطلوبة من المتقدمين على العمل مختلفة وبخاصة في الشركات القيادية والتي سعت لتصميم معايير غير تقليدية في التوظيف ليس التخصص الأكاديمي والمعدل على رأس القائمة. من ضمن تلك الشركات جوجل والتي حددت خمسة معايير ترى ضرورة تواجدها في المتقدم على العمل وهي: القدرة المعرفية العامة (الثقافة العامة)، القيادة والتعامل مع الأزمات، حس المسؤولية، التواضع الفكري (القدرة على التعلم من الأخطاء، ويأتي في ذيل القائمة الخبرات، بينما لا وجود للمؤهل الأكاديمي ضمن المعايير، ويعود السبب في ذلك أن الشركة ترغب في موظفين غير تقليديين، لديهم الرغبة في تجربة أعمال جديدة وليس لديهم الخوف من الفشل، وتلك المعايير تعني بالضرورة أن المهم مدى ملاءمة المهارات التي يملكها المتقدم للعمل في الشركة، وقدرته على التعلم وتنفيذ أعمال جديدة، لذلك نجحت جوجل في ابتكار منتجات أبهرت العالم، وتتوسع أنشطتها باستمرار وفي مجالات مختلفة عن نشاط الشركة الرئيسي كأنشطتها في مجال الطاقة وأبحاث الفضاء والابتكار في المنتجات الإعلامية وليس آخرها محاول ابتكار نموذج جديد لتقنية الواقع الافتراضي والتي هي أصلا تعد تقنية جديدة، والسبب في ذلك هو أن الموظف في عرف جوجل أنه شخص خارج عن المألوف قادر على ابتكار منتجات جديدة، وهي مهمة لم يتم تدريسها للطلاب في التعليم النظامي في أغلب مؤسسات التعليم حول العالم. الخلاصة: هذا المقال ليس دعوة لعدم الانتظام في التعليم الجامعي، ولكنها دعوة لاستيعاب التغيرات التي تحدث في أسواق العمل حول العالم، فالمطلوب اليوم موظفون قادرون على الإضافة المعرفية في الحقول الصناعية وكذلك الإبداع والابتكار، وهذه الصفات يمكن أن تتحقق في تخصص الشخص أو في خارج التخصص وفي حالات دون دراسة أكاديمية، فالعالم اليوم يبحث عن موظفين بمرتبة رواد قادرين على إضاءة مسارات جديدة للعالم في زمن باتت المعرفة متاحة للجميع وليس أمام البشرية إلا استيعاب حقيقة مفادها أن فرص العمل التقليدية في انحسار وتتطلب المرحلة القادمة قدرة مستمرة على التعلم للتوظيف والمحافظة على فرص العمل.