عندما طرح الفنان راشد الماجد أغنيته الوطنية "العين تدمع" في شهر مايو الماضي، لم يكن أحد من الجمهور يعرف أن مبدع الكلمات الشاعر "ضاري" هو ذاته معالي الأستاذ سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي والمشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية. ظهرت الأغنية بكلمات بديعة ترجم من خلالها الشاعر "ضاري" المعنى النبيل لدمعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي سقطت حزناً على ذكرى أشقائه الكرام الذين شاركوه يوماً أداء العرضة السعودية. يقول سعود القحطاني في قصيدته، على لسان خادم الحرمين الشريفين، وكأنما يتمثل مشاعره الكريمة ويتوحد معها: العين تدمع من فراق العزيزين على الملوك أهل السعد والشهامة أبوي واخواني كرام الحجاجين وعسى الذي يلومني للملامة ثم يمضي الشاعر في وصف مكانة خادم الحرمين الشريفين وقيمة المؤسس الملك عبدالعزيز وأبنائه رحمهم الله، فيقول: معزي وخالد وفيصل أمامه وفهد وأبو خيرين راحوا على الزين ومحمد وتركي وباقي عمامه وعبدالله اللي راح والشعب باكين على الغياب الله يحلل عظامه وسلطان كنه راح من قبل يومين اللي فرض على الجميع احترامه ونايف نصير السنة وناصر الدين جرّد على روس الخوارج حسامه إلى أن تأتي اللحظة التي يشرح فيها الشاعر سبب هذه الدمعة التي ألهبت مشاعر السعوديين، قائلاً على لسان القائد المفدّى: وتبكي عيوني من فراق العزيزين على الملوك أهل السعد والشهامة حققت الأغنية فور طرحها نجاحاً كبيراً واحتفل بها السعوديون احتفالاً خاصاً لما احتوت عليه من صورة نبيلة لوفاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لذكرى إخوانه الذين شاركهم بناء هذه البلاد العظيمة. وقد أعطى اللحن الهادئ الأصيل قيمة إضافية للأغنية وجعلها أكثر التصاقاً بهوية المجتمع وبروحه وبمشاعره الحقيقية تجاه قائد الأمة سلمان بن عبدالعزيز. الروح الفنية الأصيلة التي ظهرت بها الأغنية جاءت على غير ما اعتاد عليه الجمهور السعودي في الأغاني الوطنية التي تنهل من المارش العسكري الحماسي، حيث جاءت هادئة في لحنها؛ هدوءاً سمح للمعاني النبيلة التي حوتها كلمات القصيدة بالتسرب إلى نفوس مستمعيها، كما منح القصيدة مساحتها الجمالية الخاصة لتتمدد بارتياح وتفتح نوافذها للباحث عن العمق والصور الشعرية الراقية. هذه الروح ستظهر في أغنيتين وطنيتين جديدتين أبدعهما الشاعر سعود القحطاني أيضاً، وقدمهما إهداء لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أولاهما حملت عنوان "الراس شامخ" والثانية "عز البلاد" بصوت الفنان علي بن محمد. في الأغنية الأولى "الراس شامخ" بدأ الشاعر برسم صورة لتلاحم القيادة مع الشعب منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ثم انتقل إلى تصوير مشاعره تجاه ولي العهد -حفظه الله- قائلاً: وأخص فيهم خص ذاك الوليده اللي ملا الدنيا بذكره بليهان محمد محمد يا عسى الله يزيده من كل خير ويحفظه عالي الشان حر له الأمجاد مثل الطريدة يهوي عليها في مخالب وجنحان رابطاً بين المؤسس رحمه الله وبين حفيده الأمير محمد سلمان حفظه الله، بقوله: لو شاف أبو تركي مواقف حفيده عرف بأن الملك ثابت ومنصان يا سيدي محبتي لك فريدة قربك فخر أحس به كل الأحيان وذلك في تجسيد دقيق لنظرة أبناء الوطن للأمير الشاب الذي أسس السعودية الجديدة على خطى المؤسس -رحمه الله- وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-. وقد واصل سعود القحطاني في الأغنية الثانية "عز البلاد" التأكيد على أوجه التشابه الكبير بين الملك عبدالعزيز وبين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الهمة والإخلاص والحرص على الارتقاء بهذا الوطن العظيم إلى المكانة التي يستحقها. يقول الشاعر واصفاً الأمير محمد بن سلمان: شبيه لمعزي بشكله وحيله معزي اللي ساد جل العبادا النادر الحاكم كثير المزايا الصاطي الصارم بعيد المرادا معرجاً على مواقف الأمير محمد بن سلمان الوطنية التي أعادت للمملكة هيبتها ومكانتها، وعلى رأسها "عاصفة الحزم" التي أحبطت مخططات العدو الإيراني: وانت الذي حققت فعل البطولة على عدن وافنيت سرب الجرادا صبّحتهم صبحٍ وذللت فارس عوّد عن التهديد واصبح يقادا ثم يكمل الشاعر وصف مناقب الأمير الشاب، مترجماً بصدق مشاعر السعوديين بمختلف طبقاتهم تجاه ولي العهد -حفظه الله- وما يمثله لهم من أمل وإلهام وثقة كبيرة بمستقبل المملكة. قدم سعود القحطاني في الأغنيات الثلاث شكلاً فنياً جديداً ومختلفاً للأغنية الوطنية، بروح إبداعية تعبر عن هوية أصيلة، وثقافة عميقة، وقدرة شعرية على رسم المعاني والصور وترجمة المشاعر الصادقة لأبناء الوطن تجاه مليكهم وولي عهده الأمين. وكل هذه الخصائص الفنية ليست غريبة على "ضاري" الذي عرفه الوسط الثقافي السعودي منذ سنوات؛ كاتباً عميقاً ومحللاً حاذقاً ومثقفاً موسوعياً وشاعراً متمكناً تميز باعتزازه بهويته الأصيلة. راشد الماجد علي بن محمد