كثيرة هي الأسئلة ومثلها العديد من الإجابات التي ولّدها قرار الاتحاد السعودي بالسماح للأندية بالتعاقد مع ستة لاعبين أجانب لتمثيلها في المنافسات المحلية من دون قيد أو شرط، وهو أمر طبيعي لجرأة القرار في كل أبعاده. أهم ما تم تداوله من المخاوف المطروحة جراء القرار هو الانعكاس السلبي للقرار على المنتخب السعودي، كونه سيضيق الخناق على اللاعب المحلي لأخذ فرصته في اللعب أساسياً ما قد يجعل تشكيلة المنتخب من احتياطيي الدوري، فضلاً عما سيتسبب فيه من خنق للمواهب الصاعدة. لم يعد سراً أن الدافع الرئيس للقرار هو كسر تضخم أسعار اللاعبين السعوديين، وهي الأسعار غير العادلة التي انعكست سلباً على اللاعبين والأندية، وأضرت بصورة الاحتراف السعودي حتى شوهته، لذلك كان لا بد من قرار احترافي يعالج الأمور قبل دوران عجلة خصخصة الأندية. التعلل بتضرر المنتخب فكرة ساذجة باعتبار أن المنتخب السعودي لا يضم أصلاً صفوة اللاعبين، بما تعنيه مفردة صفوة، وفيه احتياطيون في أنديتهم للاعبين بنصف نجومية، أو بمعنى أدق لنجوم ب "نص لمعة"، وتشكيلة المنتخب الأخيرة لمواجهة أستراليا تكشف هذه الحقيقة، ويكفي أنها ضمت تسعة لاعبين من الهلال، وثمانية من الأهلي، ما يعطي تصوراً واضحاً للأمور. القرار سيكسر الأسعار حتماً، وسيفيد الأندية صاحبة الدخل المتوسط بقدرتها على المحافظة على مواهبها، واستقطاب لاعبين من الصف الأول، خصوصاً ممن سيرفضون البقاء حبيسي مقاعد الاحتياط في أندية المقدمة، ما سيمنع التكدس فيها، وسيحفز كذلك المواهب الصاعدة على فكرة الاحتراف الخارجي، ما سيجعل المكسب يصب في خزانة المنتخب الوطني في نهاية المطاف. المرحلة المقبلة تحتاج الكرة السعودية إلى تغيير جذري في نمط التفكير لدى اللاعبين، ولعل القرار يجبرهم على ذلك، ولن يكون إلا باختيار اللاعب لوكيل أعمال ناصح أمين، بدلاً من أولئك الجشعين الذي أضروا باللاعبين والكرة السعودية لصالح جيوبهم حتى تسببوا في تحويل المواهب الصاعدة إلى نجوم ب "نص لمعة"، ولتتذكروا "منتخب القروني" في مونديال كولومبيا للشباب كيف كانوا وكيف أصبحوا، وكيف غدا من كان معهم في ذلك المونديال من لاعبي المنتخبات الأخرى!