تاريخيا، هناك «مظلوميات» متنوعة، تتعلق بمجتمعات مختلفة، بسبب عوامل متغيرة، ولكل نوع منها سياقاتها الزمانية والمكانية، والظروف المصاحبة، وجميعها معروف ومفهوم. نشأ قبل أسبوع تقريبا ما يعرف ب»المظلومية القطرية»، وهي حديثة على تاريخ المظلومية الشهير، لكنها للأسف مرتبكة ومشوشة، ولم تقنع المتعاطف مع الموقف القطري، قبل غيره. استخدام «المظلومية»، أحد أهم طرق السياسة الإعلامية القطرية المشوشة، التي لا تزال تجرب أي الخطابات أكثر تأثيرا وتدليسا، مرة تقول إنها محاصرة، في مغالطة واضحة، خاصة أن الراسخين في السياسة يعون الفرق بين المقاطعة والمحاصرة. وتارة تحاول أن تصور أنها دولة قوية، قادرة على تجاوز الأزمة.. بينما المراقب لممارساتها يستطيع -وبسهولة- رصد الارتباك في التعاطي: تبث التصريحات الأميرية ثم تنفيها، تسحب السفراء ثم تزعم الخروج من السياق، تسجل خطابا لأميرها ثم تقطعه، تنشر كاريكاتيرا وبعدها تحذفه، تستعين برئيس وزرائها للحديث للإعلام ثم تتراجع.. وغيره كثير! تحاول قطر، عبر مكائنها الإعلامية، إقناع المتلقي الخارجي أنها تقع تحت الحصار، وتحاول أن تخاطب المتلقي الداخلي بلغة القوي المستقل، في تناقض فاضح وبائن. تعتقد قطر أنها تستطيع أن توهم الغرب بأنها مستضعفة، وأن هناك تحالفات تحاك ضدها، بينما يعرفون جيدا مدى تمويلها للإرهاب، والتصريحات الرسمية تقول بذلك. من المهم جدا، أن نؤكد لقطر قبل غيرها، بأن الأزمة -بكل ما تحتوي- هي عملية مقاطعة، من حقوق الدول التي ترى أن ذلك من المصلحة الخاصة، وليست حصارا كما تدعي. ما يوجب علينا التوضيح والتذكير والاستشهاد بهذا دائما وباستمرار. ولعل أفضل ما يجب أن يشار إليه في هذا السياق، ما ذهب إليه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عن استخدام السلطات القطرية ل»الترويج للمظلومية»، حيث قال: تفسير «الحصار» لا يتسق مع موانئ مفتوحة ومطار مفتوح وأسطول طائرات كبير، ولكنها عقلية التهرب من أساس الأزمة لنتيه جميعا في التفاصيل. هنا الخلل الكبير في التعامل مع الأزمة، فجوهر المشكلة انزلاق الشقيق في دعم التطرف والحركات الإرهابية وتاريخ مطوّل من استهداف استقرار جيرانه.. الهروب إلى الأمام عبر إعادة تعريف مفردات «الحصار» وحقوق الإنسان، لا يغطي على قوائم الإرهاب وضرورة تفسيره لها والدعم الذي وفره للتطرف والفوضى. أخيرا.. إذا كانت تعتقد قطر، ذات التطلعات التي تفوق حجمها الجغرافي والسياسي، أن أول تدابير معالجة تمويل الإرهاب حصار؛ فكيف لها أن تتحمل ما سيأتي مستقبلا، لو واصلت مراهقاتها؟ لا نزال في أول الطريق.. «الهياط» السياسي لم يحرس الذين سبقوكم، حلفاؤكم الإرهابيون، تذكروهم جيدا، وراجعوا التاريخ! والسلام..