ليس هناك شك في بروز تأثير عميق على آليات التعبير السياسي وخاصة بعد تنامي النزعة الثقافية في حكومات القرن الحادي والعشرين، وما تركه التحول السريع فيما يسمي الحداثة السوسيو - إعلامية في الرؤي السياسية لكثير من دول العالم، فالمشهد السياسي الدولي يتم التعبير عنه وفق أدوات متداولة على المستوى الشعبي أكثر من كونها مخصصة للطبقة السياسية، وخير مثال على ذلك السياسات الإعلامية التي يتبعها القادة في العالم للتعبير عن مواقفهم السياسية عبر تويتر ذي الصيغة الأكثر انتشارا. الظهور المتسارع للحداثة السوسيو - إعلامية سيؤدي إلى تعقيد أكبر في آليات التعبير السياسي والنزعة الثقافية وسوف تنتقل المنافسة السياسية في دول العالم من طاولات الحوار إلى فضاء الحداثة الإعلامية، فالمتغيرات الحقيقية التي تلعب دورا في تحديد اتجاهات التعبير السياسي أصبحت ذات نزعة ثقافية، بمعنى أدق أصبحت هناك حاجة ثقافية من قبل المجتمع لتشارك مع السلطات السياسية في تحديد وظيفة التعبير السياسي للمجتمع. الظهور المتسارع للحداثة السوسيو - إعلامية سيؤدي إلى تعقيد أكبر في آليات التعبير السياسي والنزعة الثقافية وسوف تنتقل المنافسة السياسية في دول العالم من طاولات الحوار إلى فضاء الحداثة الإعلامية.. النزعة الثقافية في حكومات القرن الحادي والعشرين هدفها ضمان تنسيق الأدوار الاجتماعية بشكل شامل حتى لا تقع تحت خطأ التجاهل لبعض فئات المجتمع، وسوف أضرب مثلا بذلك على الأزمات السياسية التي تحدث بين الدول المتقاربة والمتجاورة حيث تتولى الفئات الشعبية بجميع أنساقها وطبقاتها المجتمعية وتنوعها الفكري والسياسي بأخذ الفرصة كاملة للتعبير وهذا ما يخلق ارتباكا معقدا حول الحقيقة مما يسهم في اختفاء الصورة المحتملة للمستقبل. في الماضي كانت الأزمات تعكس تعبيرا سياسيا محدودا في السلطة المركزية حيث تمارس اللعبة السياسية بكل اقتدار بمساهمة موجهة من الإعلام ولكن اليوم أصبحت الأزمات السياسية ذات طابع مختلف فلم تعد السياسة مصدرا للمعلومات بل أصبحت السياسة ترى نفسها متلقيا لتلك المعلومات ومتفاعلا معها بشكل مختلف عما كان سابقا. الخلاصة من هذه المقدمة تقول إن التعبير السياسي وفق التقاليد القديمة لم يعد فاعلا بشكل دقيق بل إنه يشبه قيادة مركبة فاخرة على أرض ترابية بينما هي مخصصة للسير على طرق حديثة، ولعل الأزمات السياسية التي تشارك فيها الشعوب بقدر أكبر تعكس تغيرا مهما ونزعة ثقافية فاعلة أسهمت في رؤية واضحة لتغير وسائل التعبير السياسي التي تشكلت وفق منهج الحداثة السوسيو - إعلامية. العلاقات السياسية بين الدول سوف تعيد بناء منهجيتها مع وجود تأثيرات مجتمعية تحكمها النزعة الثقافية، فالتعبير الفردي لن يحظى بالكثير من التأثير في المستقبل نظرا لتنامي الحداثة السوسيو - إعلامية، المستقبل ذو النزعة الثقافية سوف يحمل لنا تأثيرا مجتمعيا أكبر فالتعبير في المجتمعات وخصوصا في عالمنا العربي الذي يتبنى النزعة الثقافية في مساره السياسي سوف يتبلور بشكل افقي في المجتمع وسوف يظهر بشكل كبير ومؤثر في جميع الأوساط المجتمعية. نحن نلحظ وبشكل كبير بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي أن جميع الأوساط في المجتمعات أصبحت فاعلة، فلم يعد الوسط الحضري كما في التقاليد التاريخية هو المشارك الوحيد في التعبير السياسي بل أصبح الوسط الريفي والعرقي والقبلي والطبقي كلها أوساط قادرة على الظهور بذات التأثير وبنفس المستوى تقريبا عبر تأثير النزعة الثقافية التي تستخدم الحداثة السوسيو - إعلامية لبناء التغيير. التفاعل المجتمعي مع الحدث السياسي في جميع الدول سوف يكون مؤثرا وفاعلا في تحديد فرص الحل للمشكلات السياسية في أي منطقة من العالم كنتيجة طبيعية للتأثير الذي تخلقة مجتمعات النزعة السوسيو - إعلامية، الحقيقة التي علينا الانتهاء إليها فكريا تؤكد أن تحولات مجتمعية قادمة تسود العالم من خلال إعادة ترتيب آليات التعبير السياسي التي سوف تقضي تدريجيا على الصراعات التقليدية بين الشعوب لتولد تنافسية جديدة ميدانها فقط نزعة ثقافية مدعومة بحداثة سوسيو - إعلامية.