-أستاذي.. كم يشق على القلب والعقل أن يعبرا عن تقدير ومكانة من يلامس مراحل عمر وخطوات فكر. -أستاذي.. كتب عنك جميع من لامست وأثريت حياتهم ومهنيتهم، بل والأهم من ذلك، أنك أجبرتهم (محبة) أن يعيدوا اكتشاف إنسانيتهم -أستاذي.. كتب عنك الجميع وأدركوا يقيناً، أن كل ماتعلموه من مسيرتك لن يساعدهم في الاقتراب من طيف إرثك الثقافي والفكري والمهني، لكنهم حملوا أمانة ما علمتهم، ليثروا به مسيرة من بعدهم، لأن أستاذيتك تعدت جيلك، لترسم طريق أجيال. -أستاذي.. قبل أسابيع قليلة، نظرت بألم وشوق إلى مقعدك في اجتماع الجمعية العمومية لمنزلك الأول، مؤسسة اليمامة، المنزل الذي يضم إخوانك وأبناء إخوانك زملاء مسيرة بنائك صرحك الشامخ، صحيفة الرياض.. لم يكن اجتماعاً كما عودتنا (بلقاءات) أبناء المؤسسة في السنوات السابقة بإضفاء وهج حضورك ونقاشاتك النيّرة البنّاءة.. كان اجتماعاً دون لمسة الأستاذ، ومصافحاته واحتضانه الجميع بقلبه وفكره. -أستاذي.. في زمن التقنية، تلقيت تعازي من الكثيرين، برسائل إلكترونية من عشرات من محبيك، استطاعت بصعوبة إخفاء اليسير من غصة ألم من بعثها.. الكل يعزي الكل في فقد قلب جمع إخوة وأبناء إخوة ربطهم الوفاء الذي زرعته ورويته دون توقف لكل من حظي بمعرفتك والعمل معك. -أستاذي.. أكرمتني بلقب أسعدتني به قبل أربعة عقود عندما حضرت طفلاً إلى الصحيفة لشرف لقاء سيدي خادم الحرمين الشريفين عندما كان أميراً لمنطقة الرياض.. منذ تلك اللحظة سعادة الطفل تحولت تدريجياً إلى امتنان على مدى سنوات ارتشافي من نبعك الثقافي.. يومها منحتني لقب "أصغر صحفي قدم إلى مهنة المتاعب".. أطلقت ذهن الطفل يسبح في معاني متاعب ومكانة الصحفي في المجتمع.. بل وغمرتني شرفاً بنشر صورتي إلى جانب الملك سلمان مذيلة بوصفي الصحفي الذي منحتني إياه. -أستاذي.. أكرمتني واحتويت حزني بعد رحيل والدي رحمه الله بأسطر خطتها أناملك اختصرت سنوات طوال كنت والعديد من الأساتذة الأفاضل تواصلون العمل والجهد متحدين كافة الصعاب والعوائق لعمل كنتم ترونه واجباً وطنياً قبل أن يكون مهنياً يتمثل في رفع اسم اليمامة والرياض إلى أعلى المراتب.. أغدقت حباً على أخيك وصديقك وزميلك عبدالله القرعاوي عندما بلورت مشاعرك ومشاعر كل من عرفه بمقالك الرثائي، ووصف بقي يتردد في ذهني كلما التقينا: كان يفتقر لموهبة الخصومات... كلمته الأنيقة قادته إلى عالم الصحافة... لم يكن يهمه أن يكون.. حيث لم يكن يصر على حمل رقم كرسي يضعه أمام الآخرين بقدر ما كان يحاول أن يأتي مدعواً من قبل هؤلاء الآخرين... -أستاذي.. في رثائك لأخيك عبدالله القرعاوي، تفوقت بلاغةً في ترجمة مشاعر الآخرين إلى جمل تأبى أن تتشكل إلا في زاوية ملك الصحافة. -أستاذي.. لو لم تقدم لي إلا هذا الرثاء، فلا أستطيع أن أوفيك حقك امتناناً وحزناً ودعاءً.. ولكنك قدمت لي عناقاً ونظرةً حنونةً في كل لقاء لنا بعد وفاة والدي، لم أستطع أن أشعر بعده إلا بنمو إحساسي بأني أحد أبنائك. -أستاذي.. لم ولن أوفيك حقك.. مقامك مقام والد، وعم.. كلما امتلأت قلوبنا بحبكم...زدنا شعوراً بأننا لم نعرفكم كما عرفكم غيرنا من محبيكم.. * عضو مؤسسة اليمامة الصحفية