في عام 2013م كانت السعودية تعتمد بنسبة 90% من دخلها القومي على صادرات النفط وذلك لكونها من أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، هذه الصادرات كانت تؤمن لها دخلاً سنوياً يصل إلى 1131 مليار ريال يغطي هذا الدخل نفقات الحكومة الكبيرة ويحقق فائضاً في الموازنة يقدر ب 206 مليارات ريال، لكن تراجع أسعار النفط من 116 دولاراً للبرميل ليقترب من 50 دولاراً للبرميل خلال الأعوام التالية أدى لتراجع الأموال التي تحصلها السعودية من صادرات النفط لتبلغ 488 ملياراً لعام 2015م وهذا ما أدى لتسجيل عجز قياسي في الموازنة العامة بلغ 145 مليار ريال. العجز فاق التوقعات مما دفع السعودية للتفكير بمصادر أخرى للدخل واقتحام عصر ما بعد النفط. في عام 2016م كشفت السعودية عن خطة اقتصادية جديدة أطلق عليها اسم (رؤية السعودية 2030) الهدف منها قلب شكل الاقتصاد السعودي كلياً ليكون قادراً على الصمود أمام أزمة انخفاض أسعار النفط. فما هي أبرز معالم هذه الخطة: أولاً: الصندوق السيادي: قررت السعودية فتح حصالة نقودها وجمع رصيد ضخم من أموالها في صندوق واحد اسمه صندوق الاستثمارات العامة قد يبلغ حجمه 2.5 تريليون دولار ليكون أضخم الصناديق السيادية في العالم، الصندوق سيقوم بتشغيل الأموال السعودية في مشروعات ضخمة داخل السعودية وخارجها لتدر أموالاً. ثانياً: زيادة مداخيل السياحة: تهدف السعودية إلى زيادة عدد المعتمرين من 8 ملايين معتمر إلى 30 مليون معتمر بحلول 2030 وستنشئ أكبر متحف إسلامي في العام إضافة إلى المطارات والموانئ وسكك الحديد ومختلف أنواع البنى التحتية بهدف جذب السائحين. ثالثاً: الصناعات العسكرية: السعودية تعد ثالث أكبر دولة إنفاقاً على السلاح في العالم وهذا يكلفها أموالاً طائلة لذلك خططت لإنشاء شركة للصناعات العسكرية قد ترى النور أواخر عام 2017م. رابعاً: ترشيد النفقات الحكومية من خلال رفع جزء الدعم الحكومي عن بعض القطاعات. إيقاف المشروعات الاقتصادية غير المجدية. وإدارة أفضل للمشروعات الحكومية. خامساً: مكافحة الفساد وزيادة مشاركة المرأة وتخفيض معدلات البطالة. سادساً: زيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لتزداد مساهمته في الاقتصاد وحتى نسبة 60%. سابعاً: جذب الكفاءات والمستثمرين وذلك من خلال إقرار قوانين تشجيع الكفاءات العلمية وأصحاب رؤوس الأموال على العمل في السعودية. ثامناً: تمكين المواطن السعودي من خلال تحسين خدمات الصحة والتعليم والإسكان وغيرها هذه الإجراءات وغيرها الكثير سيكون الهدف الأولي منها تحقيق التحرر من النفط عام 2020، على أن تصبح المداخيل النفطية مساوية للمداخيل غير النفطية في ذلك التاريخ. أما الهدف الأكبر فيتمثل في وضع السعودية ضمن دائرة أقوى 15 اقتصاداً في العالم عام 2030. أما عن آخر الإحصائيات الصادرة بعد تطبيق حزمة من هذه الإجراءات فقد سجل الاقتصاد السعودي ارتفاعاً في المداخيل غير النفطية بنسبة 20% عام 2016م. إن المملكة العربية السعودية شأنها شأن بقية الدول النامية تتطلع إلى التنمية مطمحاً وغاية، وتسعى إلى سد الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة. إن التنمية تهدف إلى خير الإنسان في الوقت الذي ترتكز على جهده، فهو وسيلتها وهدفها في آن واحد، وتتطلب فكرة التنمية تغيراً جذرياً في فكر الإنسان وقدراته وسلوكه، ويعتبر هذا التغيير وسيلة إلى غاية، وفي نفس الوقت غاية في حد ذاتها في عملية التنمية، وهناك شرطان لتحقيق التنمية: أولاً: إزاحة كل المعوقات التي تحول دون انبثاق الإمكانات الذاتية الكائنة داخل كيان معين. ثانياً: توفير الترتيبات المؤسسية التي تساعد على نمو هذه الإمكانات الإنسانية المنبثقة إلى أقصى حدودها. إن التنمية تشترط أيضاً أن يكون النمو ناتجاً من أداء المجتمع ككل، وليس من قطاع منعزل يعتمد على الخبرة والمهارة الأجنبية، كما تشترط أيضاً أن يكون الارتفاع في الدخل مصحوباً بحسن توزيع الدخل. والتنمية كعملية حضارية ترتكز على قدرات ذاتية راسخة ومتطورة، تتمثل في قدرة اقتصادية دافعة ومتعاظمة، وقدرة اجتماعية متفاعلة ومشاركة، وقدرة سياسية واعية وموجهة، وقدرة إدارية ذات كفاءة ومنفذة، وانحسار أي نوع من هذه القدرات يشل التنمية وقد يعرقلها. ويمكن أن يكون تعريف إدارة التنمية الأقرب إلى الواقع؛ إنها الإدارة التي تملك القدرة على بلورة تطلعات المجتمع في خطط وبرامج، كما تملك القدرة على تنفيذها بكفاءة وفعالية، وتتوفر لديها الإدارة التنمية، والنظرة البعيدة الثاقبة، والتصميم والمثابرة على مواجهة التحديات، والانصهار والتفاعل مع القاعدة العريضة للمجتمع، والقدرة على تحريكه وتطوير رأسماله البشري والمادي، واستثماره الاستثمار الأمثل الذي يحقق المستوى الحضاري المتطور ذاتياً في كل القطاعات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، بما يضمن سعادة هذا الجيل والأجيال القادمة.