يبدأ الرئيس الأميركي ترمب زيارته الأولى للخارج بزيارته للمملكة العربية السعودية ضمن ثلاث زيارات تمثل قيادة الديانات السماوية الثلاث يمر فيها على فلسطينالمحتلة للقاء القيادات اليهودية هناك ثم إلى روماالفاتيكان للقاء بابا الكاثوليك فيها. وقد أثار اختياره للسعودية كمحطة أولى لرحلاته الخارجية والتي كان الرؤساء الأميركيون يوجهونها عادة إلى وجهات أميركية شمالية أو جنوبية، الكثير من الاستغراب والتساؤل حول ما تحمله هذه الزيارة من الدلالات على المستوى الديني والسياسي والاقتصادي والذي فتح شهية كل وسائل الإعلام للتحليل والتنبؤ والتوقع. وكان البعد الديني هو البعد المصرّح به، بأنها زيارة تدعو إلى التصالح والتقارب بين الأديان، فهو بلا شك بعدٌ سامٍ يذكر بزيارة أوباما وخطبته الأولية الموجهة للإسلام من جامعة القاهرة عام 2008، لكن ترمب هنا يتجاوز أوباما بتوسيع الدائرة بشكل غير مسبوق. فقد جعل زيارته الأولى موجهة إلى قلب العالم الإسلامي، ولم يبدأ على سبيل المثال بالفاتيكان وقد كان ممكناً. ومن هنا سوف يلتقي بكل قادة المسلمين في القمة الإسلامية-الأميركية في دلالة كبيرة لحسن النية من جانب ولتعزيز قيادة المملكة لذلك. والقراءة الأولية للزيارة التي يريد بها ترمب أن يستثمر هذه الأولية لأبعد حد ربما من جانب ليصلح ما أفسدته قراراته المتعجلة في أول أسابيع توليه السلطة في البيت الأبيض والخاصة بمنع مواطني سبع دول إسلامية من الدخول للولايات المتحدة الأميركية. ومن جانب ليؤكد على هوية عدوه وهو التطرف الإسلامي وليس الإسلام والمسلمين أنفسهم، بتناول موضوع التحالف لحرب داعش والذي تسلط السعودية الضوء عليه من خلال جعله يفتتح "المركز العالمى لمكافحة الفكر المتطرف"، ومن جانب ثالث فيه تقدير لدور السعودية القيادي الإسلامي والخليجي والذي سوف يمكّن لترمب من اللقاء ليس بالقادة السعوديين فحسب بل وبقادة خمسين دولة إسلامية وعربية فضلاً عن زعماء دول مجلس التعاون الخليجي. ومما لا شك فيه أن هناك بُعداً اقتصادياً رئيساً وليس خفيّاً، ألا وهو عقد عدد من صفقات الأسلحة التي تؤمن الجانبين عسكرياً واقتصادياً لفترة طويلة، نأمل أن تصب في مصلحة تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية ومصلحة تحقيق توازن وتفوق عسكري لنا في المنطقة التي تتنازعها التحديات والتهديدات. ولعل البعد السياسي لهذا الاختيار يعيد الحياة إلى التحالف القديم بالسعودية والذي يعطيه ترمب زخماً استثنائياً في هذه الزيارة يعزز من العلاقات الثنائية التي كانت قد أصابها بعض التشويش على إثر توقيع الاتفاق الأميركي الإيراني النووي 2013. يزدحم جدول الرئيس خلال يومي السبت والأحد 20-21 مايو 2017 ليغطي ثلاث قمم وافتتاح العديد من المراكز والمؤسسات والمبادرات وحضور التكريمات والاحتفالات والمعارض وحفل موسيقي أيضاً، وتزدان الرياض بالأعلام والزهور وهي محط أنظار العالم في هذه السويعات فتجيّرها لخدمة الرؤية الإنسانية والحضارية التي تتأملها للمنطقة والعالم. دعواتنا أن تثمر علاقات إيجابية لمصلحة جميع الأطراف.