تعيش الرياضة في منطقة عسير أوضاعا سيئة على الرغم من وجود 12 ناديا رسميا ينتسب لها أكثر من سبعة آلاف رياضي إلا أن العجلة لم تتقدم كثيرا، ويتواصل الغياب والحضور عن المشهد الرياضي السعودي سواء في الوصول إلى مصاف الأندية الممتازة باستثناء نادي أبها وهو الوحيد الذي وصل ولكنه لم يستطع المقارعة والبقاء مع الكبار، وصعد جاره ضمك للدرجة الأولى قبل موسمين ولكنه لم يستطع تجاوز عقبة مراكز الوسط في الأولى وظهرت أندية المع وجرش والفرسان والمصيف والسروات والفاروق والزيتون والنخيل والشهيد وكان لها محاولات للذهاب بعيداً بحماس اللاعبين والإداريين والمدربين الوطنيين على مستوى الدرجات وفي جميع الألعاب إلا أن ذلك غير كاف لتحقيق الهدف، ورجال الأعمال وأعضاء الشرف غابوا عن المشهد الرياضي في الأعوام الأخيرة وللمال دور مؤثر في انتعاش الرياضة على مستوى العالم التي تحولت إلى مجال رحب للاستثمار الا أنه مفقود تماما في رياضة عسير إلى جوانب أخرى حسب آراء مختصين وعاملين في المجال الرياضي، هل رجال الأعمال وهيئة الرياضة افادوا الرياضة في عسير وأنديتها، أم ساهموا في هروب المواهب وعدم تطورها وتدهورها وتراجعها؟! هذا التساؤل تم طرحه على عدد من المسؤولين الرياضيين. في البداية يقول رئيس نادي أبها الدكتور أحمد الحديثي: "البنية التحتية من منشآت ومقرات وملاعب وأماكن معسكرات وعزوف رجال الأعمال على مستوى المنطقة عن الدعم وعدم تفاعل بقية فئات المجتمع مع الرياضة بشكل إيجابي، وتوجد مشكلة واضحة، في هذا الصدد، وهي أن القطاع الخاص ورجال الأعمال ليسوا مقتنعين بدور الرياضة والرياضيين، وعلى الرغم من ذلك نجد في الأندية صعوبة إيصال الفكرة والتواصل معهم بشكل سلس وعملي، واتفق مع البعض الذين يقدمون الدعم والتمويل ويأملون أن يسهم ذلك في النهوض بمنتجهم والاستفادة من الرعايات والإعلان وهذا غير موجود في أندية عسير لضعف الاهتمام من الهيئة الرياضية التي لم تسهل ذلك بايجاد ملاعب وبطولات تقام في المنطقة للاستثمار والفائدة للجميع، لأنهم يريدون أن تستغل أموالهم جيدا، وتعود بفائدة على الجميع، ومن هنا فإن العشوائية الإدارية ألقت بظلالها على رياضة عسير وتحتاج إلى إعادة نظر وخطط مدروسة ودعم مالي كبير لتظهر بالشكل المطلوب". المواهب مفقودة أكد رئيس ضمك محمد الغروي أن العمل في الأندية شاق ويحتاج المال الكبير ووضعنا في منطقة عسير طبيعي لأن المقومات والمواهب مفقودة ونحن في ضمك أفضل حالا بوجود منشأة جديدة وقد تساعد شباب محافظة خميس مشيط لممارسة هواياتهم ولكن على الرغم من ذلك لا بد من المال لتوفير الاحتياجات والأجهزة الرياضية واستقطاب المدربين، والآن لم يعد هناك عذر لرجال الأعمال للاستثمار في النادي وكل ما نحتاجه من هيئة الرياضة تسهيل الإجراءات ومنح المستثمرين فرصة لينهضوا بالرياضة وتحقيق الإنجازات وانتشالها من الأنهيار والسقوط". التعاون غائب وتساءل نائب رئيس المصيف علي مالح عن الغياب الواضح للشراكات الفاعلة والمثمرة للنهوض بالرياضة والتي لا توجد في الساحة الرياضية بعسير منذ زمن بعيد ومعها فقد التعاون ما بين القطاعات الخاصة للنهوض بالرياضة والتخطيط لمستقبل الشاب الرياضي ورعايته وقال: "وضع الأندية في منطقة عسير يقوم على جهود شخصية من أشخاص محدودين من محبي الرياضة في المنطقة وهناك خلل وهو عدم تفاعل رجال الأعمال مع الأندية الرياضية، وعدم وجود دخل ثابت وشح الموارد المالية وقلة المواهب وضعف الاستثمار في الأندية، وعدم تعاون المدارس وأولياء الأمور مع الأندية مما يضعف الفئات السنية وهي الركيزة الأساسية، والهجرة المتواصلة للاعبين، ويبقى دور هيئة الرياضة ضعيفا في دعم أندية عسير المتأهلة كل موسم لدورات الصعود أو منحها فرص التنظيم والاستضافة". ولم ينف نائب رئيس نادي أبها السابق والاعلامي الدكتور صالح بن ناصر الحمادي الدور المهم للقطاع الخاص ورجال الأعمال في الرياضة والثقافة والفنون والأندية الأدبية، لكنه قال: "الذين دعموا الرياضة في فترات سابقة اصبحوا مستنزفين من جهات عدة، وبالتالي قصورهم مبرر ولم تعد الأندية تغري الشباب ولم تعد بيئة جاذبة، والمفروض يكون الدعم من البنوك وشركات الاتصالات ويساهمون في النهوض بالرياضة، اضافة إلى الدور الكبير الذي ينتظر هيئة الرياضة لاعادة صياغة الرياضة في المناطق". الوضع لا يرضي أحداً المدرب الوطني الدكتور منصور الصويان تحدث في هذا الجانب: "الأندية وضعها نتاج للوضع العام للرياضة في المنطقة وهو بالتأكيد وضع لا يرضي الغيورين على رياضة منطقة عسير، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها دور هيئة الرياضة والمتمثل في مكتب الهيئة في المنطقة، والذي لم يأخذ زمام المبادرة لأي بادرة تطوير تذكر على مدى العقود الماضية، وضعف البنية التحتية للمنشآت الرياضية والأندية والتي لا تشجع على جذب المشتركين الممارسين وكذلك رجال الأعمال والمستثمرين إن وجدوا، وعدم وجود الجامعات والكليات المختلفة والعسكرية ساهمت في رحيل كم كبير من الشباب المواهب بحثاً عن مستقبل دراسي ووظيفي آمن، فضلا عن ضعف الوعي بأهمية الأندية والممارسة الرياضية لدى شريحة كبيرة من أبناء المنطقة وترسيخ وجود الأفكار السلبية المسبقة عن الأندية، وهذا بدوره انعكس على رجال الأعمال ما جعل بيئة الأندية غير جاذبة، وكبر مساحة المنطقة واختلاف تضاريسها وصعوبتها قلل من جودة المنافسة". وأضاف: "عدم تخصص مسؤولي الإدارات في الأندية في الإدارة الرياضية أو حتى في الإدارة العامة مما أضعف الجانب الإداري في الأندية ناهيك عن ضعف الخلفية الرياضة بل تكاد تكون معدومة عند البعض، عدم تأهيل ودعم المدرب الوطني من أبناء المنطقة، والاهتمام به لأن إعداد المدرب الوطني سيجذب الكثير من المواهب ويحسن مخرجات التدريب خصوصا في المراحل السنية، وتنامي دور فِرق الحواري وملاعبها في العقد الأخير والتي كان لها تأثيراً سلبياً بالغًا على تسرب اللاعبين من الأندية وميل المواهب نحو الالتحاق بفرق الحواري من دون الأندية، وعدم وجود الروابط أو الجمعيات التي تربط الرياضيين في المنطقة وتحل الكثير من المشكلات وتتبنى العديد من المقترحات والمبادرات كرابطة مدربي الأندية، ورابطة اللاعبين السابقين، ورابطة روؤساء الأندية وهكذا". ضعف الهيكلة ويكشف عضو مجلس إدارة نادي ألمع حسن المقصودي القصور والتدهور بطريقته قائلا: "بالنسبة لرياضة منطقة عسير فهناك عوامل تشترك في تدهور الأندية على وجه العموم وتتلخص في ضعف مكتب الهيئة في المنطقة وهذا ينحسب على ضعف أنظمة الرئاسة سابقا والهيئة الآن من حيث هيكلة وتنظيم وتكوين مكاتبها وافتقادها إلى أهلية الإدارة والتخصص وكفاءة العاملين في لجان المكاتب بما يتفق ومتطلبات عمل المكاتب في الشؤون الرياضية والقانونية والمحاسبة وغيرها من متطلبات الاختصاص والحوكمة، وافتقاد الأندية لعدم وجود جمعيات عمومية تقوم بدورها وتفعيل صلاحياتها بقوة وكفاءة والاهتمام بالأندية وبذلك يغيب الرقيب والمشرع المباشر للأندية، وضعف الفكر الرياضي المتخصص والمؤهل وتجد العاملين في أندية المنطقة لا ينتمون للكيان إلا من باب التنافس على الكراسي وفكرهم واهتماماتهم الرياضية محدودة في العمل ولا يملكون غير مفاهيم بسيطة جداً محدودة ومعظمهم غير رؤى ملونة بالأندية المتقدمة في الوطن فتلقى الكل منقسما تحت لون الهلال والأهلي والنصر والاتحاد وغيرها من الأندية الوطنية المتقدمة وما يهمه في نادي المنطقة حرفان تكتب عنه إعلاميا أو لقاء تلفزيوني أو أنه يعمل في ناد رسمي على حساب شللية محدودة النظرة في محيطه وبعض الرؤساء تحديدا الحضور الاجتماعي هو الأهم بالنسبة له لا أكثر". وأضاف: "الأندية في المنطقة تفتقد إلى الرؤية والرسالة والأهداف ومنهجة العمل ولذلك تحولت إلى موطن ارتزاق وتبارٍ شللي بعيد عن كل ما يمكنه النهوض برياضة عسير، وبالنسبة لرجال الأعمال بحكم انهم لا يفكرون إلا بمنطق ربحي فللأسف لا يوجد ما يشجعهم على الانخراط في الوسط الرياضي، وأرى من وجهة نظر معايش لواقع رياضة عسير توزيع تخصص أندية المنطقة في مجموعة ألعاب ما بين جماعية وفردية بما ينسجم ومنتج بعض الأندية الناجحة في لعبة من دون الأخرى، إعادة هيكلة مكاتب الهيئة وتطوير أدائها ومهامها وخصخصة لجانها وتفعيل دورها التشريعي والرقابي والقانوني والمالي وحوكمتها، وتشريع نظام للأندية في تكوينها بما يجعلها أندية تقوم على نظام مؤسسي يقودها لأداء تشريعي منظم يخضع للرقابة والقانون والمحاسبة وترتكز على منهجين أساسيين وهما الاستثمار والتخصص في اللعبة دون تحميل الأندية هم الألعاب الجماعية والفردية". الملاعب غير قانونية وقال المشرف العام بنادي الفرسان خالد الحيان: "القطاع الخاص له دور كبير في المرحلة السابقة، والمقبلة ايضا، لأن المقتدرين من التجار لهم اسهامات مطلوبة لرعاية الشباب الرياضيين، والأمر في حاجة إلى حسن تنظيم عند التمويل والعمل بطرق احترافية ومكمن الخلل في تأخر رياضة المنطقة يتمحور بين جهات عدة ولعل أول تلك المحاور البنية التحتية للملاعب سواء رديفي المدينة الرياضية أو غالبية ملاعب الأندية والتي لا تعد قانونية فبعضها غير صالحة ارضيته وعدم وجود المرافق الضرورية والاخرى عدم قانونيتها، اضافة الى انشغال الاستاد الرئيسي بمباريات المنطقة والمناطق الاخرى التي نقلت مبارياتها عليه". ولمدير عام كرة القدم بنادي ضمك رأي حول تراجع الأندية أو الرياضة في منطقة عسير بشكل عام قال: "أولاً نحن بحاجة الدعم والتوجيه لرجال الأعمال من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير ونائبه للنظر في حال الرياضة في المنطقة وتشكيل لجان لدراسة الأوضاع وإيجاد الحلول الاستثمارية والنهوض بالرياضة وهناك خلل كبير في إدارات الأنديه وارتجال وتخبطات وللاسف اخطاء تكرر منها عدم الاهتمام بجلب كوادر فنية وإدارية ذات كفاءة للعمل في الفئات السنية، ولا أنسى دور جمهور ومحبي النادي في حضورهم المباريات والتدريبات لتحفيز وتشجيع اللاعبين وهذا نفتقده كثيرا".