العامل المحفز على الابتكار والإبداع والاختراع والإنتاج العلمي والفكري والأدبي لبناء اقتصاد معرفي يستلزم توفير الحماية القانونية لحفظ حقوق الملكية الفكرية للأفراد والشركات، هذا فضلا عن ما توفره هذه الحماية من عائد اقتصادي للدول والمنتجين والوكلاء عندما تمتد لتشمل مثلا العلامات والنماذج والمصنفات والأصول والبرمجيات ذات الطابع التجاري والصناعي والتكنولوجي، كأحد الأسباب التي تحقق وتدعم الثقة في بنية البيئة الاستثمارية وتعزز من عوامل جذب المستثمرين، عندما يكون هناك تكامل بين وسائل الحماية تشريعيا والنظم الإدارية، مما يتماشى مع مسارات عمل رؤية الوطن 2030 والهادفة إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة وقائمة على اقتصاد تنافسي مستدام، كأحد أهم أولويات تنويع مصادر الدخل. في الأسابيع القريبة الماضية وافق مجلس الوزراء الموقر على الترتيبات التنظيمية الخاصة ب"الهيئة السعودية للملكية الفكرية" كإحدى مبادرات منظومة التجارة والاستثمار ضمن برنامج التحول الوطني 2020، باستحداث جهة عامة ذات شخصية اعتبارية تعنى بحماية أنشطة الملكية الفكرية الموزعة بين عدة أجهزة حكومية، حيث كانت تتولى وزارة "التجارة والاستثمار" (العلامات التجارية)، ووزارة "الثقافة والإعلام" (حقوق المؤلف والحقوق المجاورة)، و"مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" (براءات الاختراع)؛ وقد جاء هذا التوحيد لجهود لحماية الملكية الفكرية منسجما مع تجارب الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية تحت جهاز إداري واحد، وبالتالي يتوقع أن يسهم وجود هذه الهيئة الجديدة في توحيد المهام والاختصاصات وتنسيق الإجراءات ومتابعة خطوات تطبيقها ومتابعة التزامات المملكة الدولية وإبراز جهودها في المحافل المختلفة والرفع من تقييمها في المؤشرات العالمية، كبيئة استثمارية تتمتع بأطر الحماية الكافية لكافة موضوعات حقوق الملكية الفكرية ومخرجاتها. يبقى القول ان وجود الأطر القانونية والمظلة الإدارية خطوة أولى ولكن أهميتها تكمن في شمولية موضوع حماية الملكية الفكرية كيلا تعد من قبيل الشكليات التنظيمية أن يدعم وجود هذا الجهاز بفاعلية التنفيذ وسرعة آليات فض المنازعات القضائية لتكتمل وتتكامل محاور حماية الملكية الفكرية التي تحقق السلامة العامة للمجتمع وتحفظ الحقوق التجارية، وذلك لن يتأتى إلا بتعزيز جهود أدوار الجهات الأخرى المعنية مثلا بمواجهة منابع قرصنة البرمجيات ومكافحة مصادر البضائع والسلع والمنتجات والأدوات والمعدات والاجهزة والأدوية المقلدة والمغشوشة؛ وهو ما يستلزم سرعة التصدي لتحسين بيئة الأسواق وتخليصها مما بها من خروقات ومخالفات وجرائم تعدي على مخرجات الملكية الفكرية بشكل مشاهد في الواقع، لأن ذلك بالنسبة للمعنيين فرادا أو كيانات محلية وعالمية خطاب بليغ على حسن التدبير والتعامل وكفاءة إدارة حماية الملكية الفكرية وصيانة كافة جوانبها المختلفة والمحافظة على حقوق المنتجين والتجار والمستثمرين بصورة لا تقبل التشكيك.