ابراهيم الجبر لا يخفى على الجميع أن قدر الواحد منّا بما أنه يهوى الكتابة في الأدب والشعر وبحوره والقصة والمقال وجميع الفنون الأخرى أن يخرج بين آونة واخرى ( ليفرْكس ) تعليقاً كتلك التعليقات التي يلقيها أي شخص من قاعة المتفرجين ناسين أو متناسين أن الحكم دائماً من مقاعد المتفرجين ذو طبيعة لزجة ونزقة غالباً بحيث لا يتضح فيها الخطأ من الصواب !! ولم يكلف أحد منّا نفسه ويلتقط أنفاسه من سيل مثل هذه الأحكام المجانية ويجلس إلى نفسه مدة من الزمن يخرج بعدها بتصور ناضج لواقع المرحلة الأدبية التي تعيش .. لكن الكل يريد أن يكتب وليس مهماً أن تكون كتابته أي كلام لا يخدم القارئ والمتلقي على حدٍ سواء . فساحتنا الأدبية اليوم مازالت تتطلب النهوض والالتفاتة من قبل أصحاب الأقلام اللامعة والأفكار الهادفة والبناءة عبر الوسائل الإعلامية المقروءة التي يغرد على أفنانها الكتّاب الصادقون وقنوات الشعر الفضائية بالإمداد المتواصل لتتجدد وتورق سنابل الأدب ولتبقى دوحة غناء للأدباء عموماً والمفكرين . والمطلوب من مثقفينا الذين لهم باع طويل في الكتابة سواء كالتزام يومي أو مزاجي أن يدخلوا في صلب قضايا الأدب بشتى بحوره بدلاً من لمسها من السطح .. لمساً يجرح كثيراً عدداً ليس هيناً من الكتّاب الشرفاء الذين ليس لهم من مطمع إلا أن يعبّروا بصدق وحرارة عما يدور في مجتمعهم ويصطرع في أعماقهم .. خدمةً للمتصفحين والمتابعين والقراء عموماً .. إنهم أناس أقل مايقال عنهم أنهم يفعلون ويتفاعلون .. أناس مثل هؤلاء يستحقون مهما كان تواضع إنتاجهم أن نلقي عليهم الأضواء والفخر والاعتزاز.. وإن أكبر تحية يوجهها ناقد إلى أديب أو شاعر أو فنان أن ينقد ولكن بشرف .. وفهم وتواضع . والحركة الأدبية مهما كانت متواضعة .. وهشة القوام فإنه لا يجب علينا كأدباء وككتاب .. كما نحب أن ندعي ولا يدعى علينا ولا يجب أن تقنع بأن نكون متفرّجين أو قرّاء سطحيين .. لا فرق أن القارئ حين يكون " مفركشاً " أو " متشنجاً " أو مادحاً " معذور في كل الحالات . والكتّاب والأدباء والشعراء هنا مثلهم مثل غيرهم تحكمهم عواطفهم وانفعالاتهم في كثير من تصرفاتهم ولكن لأن الدور الملقى على عاتقهم نحو أبناء مجتمعهم فإنهم أي المثقفين مطالبون دائما بأن يكونوا القدوة الحسنة لأفراد المجتمع . ولأن هذا الشيء لم يتحقق في ساحتنا الادبية إلا بنسبة على الأقل في الوقت الراهن .. أما نحن .. فمن الظلم الفادح جداً لهذه الحركة الأدبية أن نخرج من بياتنا الشتوي بين آوِنة وأخرى لنلقي في بركتها الصافية بحصاة آنية المفعول بدلاً من أن نلقى عملاً أدبياً يساهم في خلق وبلورة الصورة .. ولاشك أن الرؤية لا تتضح دائماً إلا بوجود السيئ والجيّد وليس هناك أدب في العالم .. أو أديب في العالم .. كل ما ينتج عنه درر صافيات !! أليس الأفضل بدلاً من أن تلعن الظلام أن تضيء شمعة واحدة قد تجلب مئات الشموع ونتمنى ونتمنى والأماني كثيرة أن نرى ساحتنا الأدبية في المستقبل القريب ترتدي حلّة جديدة وأكثر صفاءً ونقاءً ومحبة مما تعيشه اليوم لنحمي موروثنا الشعبي من الهجر والضياع .