أعاد الناقد المعروف د. يوسف العارف "القرية" إلى الواجهة مجدداً في مقاربته النقدية للشعر الحداثي السعودي، بانحياز واضح لها باعتبارها " المكون الأساس، المنبع، المفقود" ، منبريا لجملة من المفاهيم كاستنبات القصائد، والتزاوج الشعري، وتوظيف المفردة البدوية، والشخصية القروية، مؤكداً أن ملامح القرية تتوارى خلف السطور والكلمات في "الأسماء، المسميات، الأماكن، العادات والتقاليد الاجتماعية، والأمثال الشعبية"، جاء ذلك في محاضرة عنونها ب: "النص القروي في الحداثة الشعرية السعودية " والتي شهدها النادي الأدبي بالمدينةالمنورة البارحة الأولى. وقال د. العارف: عندما هجر كثير من الشعراء قراهم صدموا بالمدن ولوثتها، فاستبدلوا مفهوم القرية كعالم مسكون بالوحشة والرجعية وحولوها إلى كائن حي فأصبح الهامش مركزاً مستوعباً "سمات ، فضاءات ، تقاليد ، لهجات" عبر لغة شعرية إبداعية لا تعترف بالواقع ولا تنقله كما هو، لافتا إلى أن حضور القرية كان جلياً في نصوص سعد الحميدين، حسين العروي، عبدالله الصيخان، محمد جبر الحربي، محمد الثبيتي، عبدالله الخشرمي، أحمد عائل فقيهي، وغيرهم. واستعرض العارف توظيف المفردة الشعبية في النصوص الشعبية كما عند عبدالله الصيخان في مقطوعته "هواجس في طقس الوطن" : قهوة مرة، وصهيل جياد مسومة، والمحاميس في ظاهر الخيمة العربية.. راكة في الرمال وفي البال، كيف المطاريش إن ذهبوا للرواح مطي السفر وكيف هي الأرض قبل المطر ؟! وكذلك في قصيدة "فضة تتعلم الرسم"، التي جعل منها معنى ورمزا إيحائيا لا يقتصر على الاسم البدوي بل وظفها لتكون رمزا لأمة العرب التي فقدت ماضيها الجميل، مستنبطا بأن "فضة" هي أخت "خديجة" عند الشاعر محمد جبر والتي ستصنع المجد القادم، مبرزا اعتزاز الثبيتي بقريته في قصيدته "تغريبة القوافل"، وبكائية: أحمد فقيهي "تحت خيمة القبيلة"، وعبدالله الخشرمي على واقع قريته التي رمز لها بالأم، وتأثر الدميني بقرى الباحة وحشوه قصائده بالمفردات الشعبية.