في علم التغذية تتغيّر المفاهيم بسرعة يصعب الإلمام بها، وكتاب الدكتور جون دويلارد Eat Wheat: A Scientific and Clinically-Proven Approach to Safely Bring Wheat and Dairy Back Into Your Diet أحد الكتب المثيرة للجدل التي صدرت في شهر يناير 2017م. ففي كتابه يبيّن الدكتور دويلارد أن تجنّب منتجات القمح ومنتجات الألبان ليست الطرق السليمة لمعالجة مشاكل الحساسية منها وعدم تقبلها، فالحل في رأيه يكمن في اتجاه مختلف، يكمن في العودة إلى استهلاك الدهون النافعة (الحيوانية والنباتية غير المصنعة وغير المكررة). ويوضح الدكتور الأمر قائلاً: «منذ الستينيات وإلى اليوم هناك اعتقاد ان الدهون تسبب تكدس الكوليسترول في القلب والشرايين. ولذا، جرى الترويج منذ تلك الفترة على تجنب الدهون الحيوانية واستبدالها بالدهون والزيوت النباتية التي تتعرض للتكرير وللتبييض ولإزالة النكهات منها وللتصفية. ولكن هذه الدهون والزيوت (والكلام لا يزال للدكتور دويلار) تصبح غير قابلة للهضم تماماً، فلا شيء فيها يمكن أن يتزنخ. وهذه الدهون والزيوت هي التي تدخل في صناعات الأطعمة، أي في تقريباً كل الأطعمة الجاهزة (لأنها لا تفسد وتتزنخ مهما طال عليها الزمن). وهذه الدهون والزيوت المصنعة هي التي في الواقع تدمر قوة الجهاز الهضمي لأنها تتكدس على جدران الكبد والمرارة. وعند النظر إلى عملية الهضم نجد أن الكبد والمرارة هي من أهم أساسيات الجهاز الهضمي، فالصفراء التي تنتجها الكبد (كما ذكرنا في مقال سابق) هي التي تحيط بالدهون والسموم وملوثات البيئة التي تدخل الجسم. ولذا، عندما تتكدس جزيئات الدهون المصنعة على جدران الكبد والمرارة تعوق تدفق الصفراء مما يجعل الجسم يفقد القدرة على هضم الدهون النافعة وعلى التخلص من الدهون الضارة. ويضيف الدكتور دويلارد نقطة مهمة أخرى وهي عمق الصلة بين جهاز الهضم وبين قدرة الجسم على التخلص من السموم. فعندما يشعر الإنسان (المصاب بحساسية أو عدم تقبل القمح) بالآلام عند تناول القمح فالسبب لا يكمن في القمح ذاته ولكنه يكمن في صعوبة هضم القمح عندما يكون الجهاز الهضمي ضعيفاً. ومن أهم أساليب تقوية الجهاز الهضمي، حسب قوله، هي تجنب إضافة المبيدات الحشرية إلى التربة، فالمبيد الحشري Roundup والمنتشر استخدامه على نطاق واسع في مناطق كثيرة من العالم يحتوي على الجلايفوسات التي ثبت انها تسبب متلازمة الأمعاء الراشحة leaky gut syndrome (حيث تنتقل جزيئات الأطعمة غير المهضومة عبر جدران الأمعاء إلى الدم مما يسبب الحساسية). كما ثبت أيضاً وجود مادة جلايفوسات في الأطعمة المعدلة وراثياً بسبب تعرضها للرش بالمبيدات الحشريّة.