زرت إحدى قريباتي فشاهدت بقعة رمادية كبيرة على كنبتها البيضاء الجميلة.. تنبهت لملاحظتي فقالت مستسلمة: لا أعلم ماذا أفعل بها، غسلتها أكثر من مرة واستعملت معها أنواع المساحيق وأخذها زوجي إلى المغسلة وبحثت عن أفضل الحلول في الإنترنت؛ ولكنها أبت الذهاب.. قلت وأنا أقلب الوسادة على طرفها الآخر: من الواضح أنك وصلت إلى طريق مسدود. فحين تصل إلى طريق مسدود، وحين تجرب كل الطرق التقليدية المعتادة، لا تحاول غسل الوسادة بل اقلبها على وجهها الآخر. البارحة فقط تحدثت عن طريقة التفكير خارج الصندوق، واليوم سأخبرك بقصة حقيقية لشاب كان يفكر بطرق غير متوقعة قبل أن يستلم جائزة نوبل في الفيزياء.. ففي جامعة كوبنهاغن أتى السؤال التالي في امتحان الفيزياء للطلاب المستجدين: * كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر (جهاز قياس الضغط الجوي)؟ كانت الإجابة الصحيحة، والتي يريد الأستاذ سماعها هي: * بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض، والضغط الجوي على سطح ناطحة السحاب. غير أن إحدى الإجابات أغضبت أستاذ الفيزياء وجعلته يمنح الطالب درجة الصفر كونه قدم إجابة بدائية ومستفزة: * نربط الباروميتر بحبل طويل ثم ندلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب ثم نقيس طول الخيط. تظلم الطالب من رسوبه مؤكدا أن إجابته صحيحة 100%، فعينت الجامعة حكما للبت في القضية.. أفاد الحكم بأن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء ونصح باختباره شفهيا.. التقى به في مكتبه وطرح عليه نفس السؤال، فكر الطالب قليلا ثم قال: لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة لا أدري أيها أختار.. قال الحكم: "هات كل ما عندك" فقال الطالب: يمكننا مثلا إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب ثم حساب سرعة ومسافة سقوطه لنستخرج ارتفاع المبنى.. كما يمكننا قياس طول ظل الباروميتر وظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاعها من تناسب الظلين.. كما يمكننا استعمال قانون فيثاغورس في حساب المثلثات فنحسب طول الضلع النائم (طريق السيارات) ومنه نستنتج طول الضلع القائم (ناطحة السحاب). وبعد أن قدم ثلاثة حلول أخرى قال: أما أبسط حل فهو أن نعطي حارس الناطحة الباروميتر نفسه كي يخبرنا بارتفاعها.. ثم أردف قائلا: بصراحة، الإجابة التي يريدها الأستاذ هي أكثر الطرق تعقيدا ولا أجد داعيا لتنفيذها قبل تجربة الحلول الأكثر بساطة. وهنا أدرك المُحكم أنه أمام شاب عبقري يفكر بطرق مختلفة فأوصى بقبوله وعدم الاعتراض على أي نتائج يقدمها مستقبلا (وكان هذا الطالب هو نيلز بور العالم الدنماركي الوحيد الذي حاز لاحقا على جائزة نوبل في الفيزياء)!! .. وقبل أن نختم المقال، اسمحوا لي أنا باختبار قدرتكم على التفكير خارج الصندوق: رغم أن المجاعة تقتل الناس في الصومال -هذه الأيام- كان هناك رجل طيب يملك طعاما لاثنين.. خرج للبحث عمن يشاركه الطعام فشاهد طفلا يتيما، وشيخا هزيلا، وعمه الذي تولى تربيته بعد وفاة والديه؛ فأي شخص برأيك يجب أن يختار لمشاركته الطعام؟ .. أي شخص تختاره أنت سيكون هو الإجابة الخاطئة. فالإجابة الصحيحة هي أن يدعوهم كلهم.. فطعام الاثنين يمكن قسمته على أربعة، ومهما كان الطعام قليلا أفضل من تركهم يموتون جوعا! .. تأمل العنوان مجددا قبل أن تغادر الصفحة.