في المواسم الثلاثة الأخيرة شهدت الكرة السعودية ومازالت حراكاً كبيراً على مستوى المدربين الوطنيين الذين يقاتلون من أجل الحصول على فرصة لإبراز إمكاناتهم وإقناع الأندية السعودية بقدرتهم على تدريب فرقهم بنفس كفاءة المدربين الأجانب وللتخلص من لقب مدرب "الطوارئ" الذي كان ملازماً لهم طوال العقدين الماضيين، قبل أن تظهر بعض التجارب الناجحة في الموسمين الأخيرين وعلى مختلف الأصعدة لتؤكد قدرتهم على العمل ومنافسة الفرق في جميع الدرجات وحتى على مستوى المنتخبات، وتفتح "الرياض" ملف المدرب الوطني بمشاركة عدد من المدربين الذين خاضوا العديد من التجارب والمهتمين بتطوير المدربين السعوديين. يؤكد رئيس لجنة شؤون المدربين في اتحاد كرة القدم سابقاً والمدرب الوطني محمد الخراشي أن المدربين السعوديين وصلوا لمراحل متقدمة جداً من التأهيل ونجحوا في تطوير إمكاناتهم من خلال الحصول على الدورات والشهادات بجانب الممارسة والتجربة ويقول: "لو عدنا للتاريخ لوجدنا عشرات الأسماء مثل خليل الزياني إبراهيم تحسين ويوسف خميس وأمين دابو وأحمد الصغير وفرج الطلال وغيرهم كثيرين من المدربين السعوديين الذين حققوا منجزات كبيرة مع الأندية والمنتخبات، وهذا يؤكد أن القدرات لدى المدرب الوطني موجودة ولكنه بحاجة للاعتماد عليه والثقة بقدراته، الآن الأمر اختلف، فقد أصبحنا نشاهد العشرات من المدربين الشباب والأسماء الواعدة المميزة وجميعهم مؤهلون فلدينا مثلا أكثر من 20 مدرباً يحملان شهادة "البرو" وفي الطريق عدد من المدربين سيحصلون على هذه الشهادة المتقدمة، ولدينا عدد كبير ممن يحملون شهادات A وB و C وهذا دليل على أن المدربين يريدون أيضاً تطوير أنفسهم والاستفادة من الخبرات وفرص التدريب ومواكبة التطور في عالم التدريب". ويضيف: "من المهم أن نتطرق لعدم احتراف المدرب السعودي الذي سيكون ملزماً بالتفرغ للتدريب في وقت الكل يعلم أن مهنة التدريب ذات مخاطر عالية، ولا أحد يريد أن يضحي بوظيفته ووقته مع عائلته ما لم يكن في وضع آمن مهنياً وهذا غير موجود في مهنة التدريب لذلك نجدهم يعملون كمدربين غير متفرغين في الغالب على العكس من المدربين الأجانب الذين لا يمانعون في الابتعاد عن بلادهم وأُسرهم ومجتمعاتهم في سبيل العمل في هذه المهنة خصوصاً أنهم سيبحثون عن فرص أخرى سواء في بلدانهم أو حتى خارجها لو تمت إقالتهم، لذلك فالجوانب المالية والاجتماعية والمعيشية تلعب دوراً مهماً في هذا الأمر". ويشدد الخراشي الذي قاد المنتخب السعودي لتحقيق كأس الخليج عام 1994 ودرب "الأخضر" مؤقتاً في كأس العالم 1998 في فرنسا على أن المدرب السعودي أصبح متواجداً بشكل كبير في المسابقات السعودية، متابعاً: "انظروا لمسابقات الدوري في الفئات السنية وكيف أن للمدربين السعوديين التواجد الأكبر، فبطولات الأولمبي والناشئين والشباب تشهد وجود النسبة الأكبر للمدربين السعوديين وهم يقومون بعمل مميز، ومن يشاهد عملهم داخل الميدان سيتأكد مما أقول، كذلك منتخبات الفئات السنية تشهد تواجداً كبيراً للمدربين السعوديين الواعدين الذين يريدون تطوير أنفسهم وإبراز وصقل المواهب الشابة، وقبل هذا كله لا ننسى أن المنتخب السعودي الأول لديه مساعد المدرب السعودي فيصل البدين ومدرب الحراس حمد اليامي، الذي لم يكن ليحظى بثقة الجهاز الفني بقيادة الهولندي يان مارفيك لو لم يكن يملك الإمكانات الجيدة والقدرة على تدريب حراس منتخبنا الذي يطمح للوصول إلى كأس العالم، كل هذه شواهد على أن قدرات وإمكانات المدرب السعودي لا تقل عن غيره". ويعود الخراشي الذي ترك لجنة شؤون المدربين قبل سنتين للحديث عن طبيعة عمل المدرب بقوله: مثلاً "لدينا 14 مدرباً في "دوري جميل" ولن يحقق الدوري إلا مدرب واحد منهم، فهل سنقول عن البقية إنهم فاشلون؟ كل المدربين يقومون بجهود كبيرة، خذ مثلاً سامي الجابر وهو على الرغم من حداثة تجربته التدريبية يقود فريق الشباب الذي يعاني من ظروف صعبة للغاية، ومع ذلك لا يزال في المركز الخامس ويقدم أسماء شابة وواعدة سيتعرف عليها الشارع الرياضي وعلى كيفية بروزهم على يد سامي عندما تقلص الأندية الاستقطابات وتلجأ للاعبيها الشباب، وكذلك المدرب خالد القروني الذي استلم تدريب الباطن في ظروف صعبة جداً وبإمكانات قليلة قياساً بتجربة الباطن وظروف صعوده ومع ذلك حظوظه بالبقاء جيدة ويقدم الفريق مستويات كبيرة وأحرج العديد من أندية المقدمة". وأشاد الخراشي بالدعم الذي يتلقاه المدرب الوطني بقوله: "هناك توجه منذ أيام الأمير سلطان بن فهد ومن ثم الأمير نواف بن فيصل بدعم المدربين السعوديين، والأمير عبدالله بن مساعد توج هذا الدعم بصدور القرار رقم 3111 الذي ينص على أن دعم الهيئة للأندية من خلال مساعدتها بدفع الرواتب سيقتصر على السعوديين، وفي هذا دعم للمدربين السعوديين، وكذلك اللجنة الفنية الحالية بقيادة البلجيكي يان وينكل التي عملت مع اتحاد الكرة السابق قدمت عملاً كبيراً، وما زالت تقوم بمجهودات كبيرة مع الاتحاد الحالي الذي أبدى اهتماماً واضحاً بالمدرب السعودي". للمدرب السعودي شخصيته بدوره قال المدرب السعودي بندر الجعيثن: "في الوقت الحاضر المدرب السعودي يفرض نفسه بشكل جيد، خصوصاً لو عدنا إلى قائمة مدربي الدوري السعودي نجد سامي الجابر وخالد القروني وفي وقت سابق حمد الدوسري، وهذا يعتبر أمراً جيداً، ولو كنت أرى بأن هنالك أسماء مدربين سعوديين على مستوى عال يفترض أن يكونوا متواجدين في الدوري، في المنتخبات السعودية ايضاً لدينا مدربون سعوديون وهذا بحد ذاته شيء مميز يحسب لاتحاد القدم، لدينا ايضاً في الفئات السنية مدربون سعوديون يقدمون أدوارهم بشكل جيد، الفترة الحالية برأيي تختلف عن السابق فالمدرب السعودي يتطور بشكل ملموس، واختياره ليس باسمه بل بإمكاناته وشهاداته وخبرته، والعمل الذي يؤديه خلال الفترة التي عايشها كمدرب، المدرب السعودي للأمانة يفرض نفسه بنفسه من خلال العمل المميز، ونتمنى من الاندية أن تنظر له كمدرب يمتلك الامكانيات والفكر التدريبي خصوصاً لو كان مدرب تربوي متخرج من كلية التربية، او مارس الرياضة وحصل على دورات، وصقل موهبته، الأهم الفكر والموهبة التدريبية". وأضاف: "لا أعتقد بأن النظرة للمدرب السعودي على أنه مدرب طوارئ لا تزال موجودة، لأن المدربين السعوديين لهم شخصيتهم، ويفرضون شروطاً في العقود ويحصلون على مقدمات عقود ورواتب، واقرب مثال على ذلك الجابر مع الشباب والقروني مع الباطن، في كل فريق من فرق النادي إن كان المدرب اجنبياً يفترض أن يكون من ضمن طاقمه مدرب سعودي يمتلك الإمكانات، ويكون ملماً وعنده الإمكانات التدريبية التي تصنع منه مدرب مميز في المستقبل، الفريق الاولمبي يفترض أن يكون مدربه وطنياً، الشباب والناشئين كذلك الاقرب لهم هو المدرب الوطني لسهولة التواصل معهم باللغة، ولمعرفته بمشاكل اللاعبين السعوديين ايضاً والعادات والتقاليد وما إلى ذلك، أضف إلى ذلك تعامله معهم واحتوائهم مثل أولاده وإخوانه الصغار وهذا يؤدي إلى حدوث ارتباط بينهم، ويكون هناك فائدة للاعب والفريق، بعكس لو كان أجنبياً لا يعرف ظروفنا ويحتاج إلى مترجم لإيصال توجيهاته وأفكاره أو ترجمة كلام اللاعبين، لذلك أرى بأن المدرب السعودي هو الأقرب للاعبي الفئات السنية واتمنى من الاندية واتحاد القدم أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار، اكرر بأن اختيار المدرب السعودي يجب الا يكون باسمه بل إمكاناته وفكره التدريبي، وأن تكون هنالك لجنة فنية تختار المدرب وتضمن اختيار الأكفأ والأنسب دون مجاملة أو تسرع". نقلة منتظرة ويذهب المدرب الوطني بندر الأحمدي إلى أن وجود الحراك على مستوى تفعيل دور المدربين الوطنيين في الأعوام الأخيرة أثمر، وقال: "للأمانة كان هناك عمل رائع يشكر عليه المدرب الوطني محمد الخراشي واتحاد الكرة السابق، وجاءت الآن اللجنة الفنية بقيادة المدرب البلجيكي يان وينكل ومدير إدارة تطوير وتعليم المدربين البلجيكي ساندر سرايت مع الدعم والمتابعة من قبل الاتحاد الحالي إذ نشهد الآن نقلة نوعية وكبيرة جداً، وبصراحة يجب علينا أن ننظر للآخرين وللدول المتقدمة كروياً، إذ نجد أنها تعتمد بشكل أساسي على أبنائها، بل إنهم لا يتعاقدون إلا مع المدربين الأجانب الكبار والذين يضيفون فعلاً للعبة كرة القدم والفرق التي يدربونها، وأنا دائماً أؤكد أنه لن يخدم اللعبة في المملكة إلا أبناؤها، وعندما أقول إن هناك نقلة فهناك شواهد منها منح المدربين السعوديين الثقة للعمل في المنتخبات فنحن نشاهد زملائي المدربين السعوديين في المنتخبات السنية، وأهم من هذا وجود فيصل البدين وحمد اليامي مع المنتخب الأول وهذا مؤشر على أن المدرب السعودي سيكون له دور كبير في المستقبل، وكذلك أصبح المجال مفتوحاً لإقامة الدورات التدريبية في كل مناطق المملكة وهذا يفتح المجال للجميع، وصار هناك تهيئة لمحاضرين سعوديين وأصبح هناك أكثر من 20 مدرباً سعودياً يحملون شهادة "البرو"، فكل هذه الأمور صنعت الحراك ولفتت الأنظار للمدرب الوطني وأحقيته وقدرته على العمل بنفس كفاءة المدربين الأجانب". وتابع: "حين نتحدث عن الكفاءة والأهلية فإن المدرب السعودي مؤهل وكفؤ، بل أؤكد لك أن المدربين السعوديين أكثر كفاءة من الكثير من المدربين الأجانب الذين يحضرون لملاعبنا، لكن ما ينقص المدرب السعودي هو الثقة والفرصة وأن يتم التعامل معه باحترافية، وهذا المدرب سيحدث في المستقبل، فهو أصبح يجد الدعم من الجهات المسؤولة، فعلى سبيل المثال أقيم ملتقى المدربين مؤخراً في جدة على هامش مباراة المنتخب السعودي والإمارات، وخرج المجتمعون بقرار مهم للغاية يتمثل بعدم التعاقد مع أي مدرب غير سعودي لا يحمل شهادة "B" على الأقل، وهذا مؤشر ممتاز، لكن هناك العديد من الأمور ننتظر من هيئة الرياضة النظر لها لحماية المدرب الوطني مثل حماية العقود، والتأمين الصحي ورفع الأجور فالمؤهلات والقدرات لم تعد عائقاً أمام المدربين السعوديين". وتابع: "شخصياً خضت تجربة في نادي أحد، وكنت مشرفاً فنياً على جميع فرق كرة القدم حينما كان الفريق الأول في الدرجة الثانية واستعنا بمدربين سعوديين لجميع الفئات باستثناء مدربين اثنين غير سعوديين للحراس واللياقة لعدم وجود مدربين، وكانت النتيجة أن نجحت جميع الفرق بالصعود بقيادة مدربين سعوديين باستثناء فريق الناشئين الذي وصل إلى ربع نهائي بطولة المملكة، فالفريق الأول عاد لدوري الدرجة الأولى وها هو منافس شرس للصعود إلى "دوري جميل" بجيل واعد من الشباب أسسه مدرب وطني والفريق الأولمبي وفريق الشباب نجحا بالصعود، والأندية الأخرى مليئة بالتجارب المشابهة، لكن مع الأسف هناك ظاهرة سلبية تتمثل بتواجد مدربين غير سعوديين وغير معروفين ومؤهلين نجدهم يعملون في عدد من الأندية، والأسوأ من ذلك أن تجد بعضهم يتنقل بين ثلاثة أو أربعة أندية في موسم واحد في مشهد غير جيد". الخراشي:نراهن على المستقبل الجعيثن:انتهى زمن «مدرب الطوارئ» الأحمدي: المدرب الوطني أساس التطور