"المكتبة".. هذا الاسم يشدني كثيراً، لعدة أسباب، أهمها أنها من الأماكن التي ارتبطت حياتي بها، عملاً ودراسة، وقبل ذلك علاقة انبثقت من حب القراءة والكتابة، وبالطبع هذا المسمى فيه شيء من التعميم، فهنالك مكتبة المنزل، والمكتبة العامة، والمكتبة الوطنية والجامعية، إضافة إلى المكتبة التجارية، ولكن هذا المسمى كان على غلاف كتاب، أصدرته دار أثر من تأليف الروائي الصربي زوران جيفكوفيتش وترجمة نوف الميموني، وقد اشتمل على تقديم لطارق الخواجي. هنالك كتب كثيرة عن المكتبات، وعلم المكتبات واسع، ونعلم أنه اقترن في الزمن الأخير بعلم المعلومات، ولكن هذا ليس كتاباً تخصصياً، إنه رواية، وبصورة أدق مجموعة من القصص الغريبة عن المكتبة، بعناوين بدأت بالمكتبة الافتراضية، وبعد ذلك المكتبة المنزلية، ثم المكتبة الليلية، ومكتبة الجحيم، وأصغر مكتبة، لتنتهي بقصة بعنوان "المكتبة النفسية". هذه القصص مجملة تنطوي تحت تصنيف رواية "الموزاييك أو الفسيفساء" ونحن نعرف أن الفسيفساء هو فن تزيين وزخرفة المكعبات الصغيرة من الحجارة أو الزجاج لتجميل المساجد والقصور وغيرها، بمعنى تكون لوحة جميلة من قطع صغيرة ومختلفة. زوران قال عن رواية الموزاييك أو الفسيفساء في حوار أجراه الزميل عبد الله الزماي وانفردت به جريدة الرياض منذ أشهر" أنها في الأساس مجموعة من القصص التي تبدو مستقلة ويمكن قراءة كل واحدة على حدة، ولكن ثمة في العادة القصة الأخيرة التي تربط جميعها في نص كلي واحد، الذي هو أكبر من مجرد ملخص لمجموع الأجزاء المكونة له". الكتاب ككل متميز بالترجمة والمقدمة، والحديث عنه قد يطول، وبالطبع كل حديث عن المكتبة ذي شجون، ولكن بعد قراءتي لرأي زوران و بعض الدراسات عن رواية الموزاييك أو الفسيفساء، تذكرت مجموعتي القصصية الصادرة عن أدبي الطائف عام 1993م بعنوان "يوقد الليل أصواتهم ويملأ أسفارهم بالتعب" والتي تتكون من ثماني قصص يجمع بينها عالم غرائبي، أتحدث فيها عن بيئة خيالية، وجميع القصص ذات نسق واحد، وأنا بصدد نشر الطبعة الثانية منها، ولكن هل أتجرأ وأطلق عليها رواية موزاييك بعد أن كانت في خانة القصص القصيرة قرابة الربع قرن، أعتقد أن التصنيف مهم لتحديد هوية الكتاب، فحتماً سيتغير موقع الكتاب في المكتبة، عموماً أنا كتبتها كنصوص قصصية، بنسق واحد في سنة واحدة، وفي مكان واحد، ولم أكرر تجربة كتابة نصوص مثلها، وأنا هنا ألتمس العذر لخروجي واستطرادي حول كتابي، ولكن صدقوني، كتاب أو رواية أو قصص "المكتبة" لزوران جيفكوفيتش تستحق القراءة.