الأخطاء الطبية من المشاكل الأساسية التي تواجه القطاع الصحي درست الهيئات الصحية الشرعية البالغ عددها 22 هيئة موزعة على مختلف مناطق المملكة 3043 قضية تتعلق بالأخطاء الطبية في المملكة خلال عام 1436ه. وأصدرت قرارات تتعلق ب 374 حالة وفاة ناتجة عن الأخطاء الطبية حيث بلغ عدد قرارات الإدانة 196 قراراً تشكل 52.4% من إجمالي حالات الوفاة التي درستها تلك الهيئات. وتعتبر الأخطاء الطبية من المشاكل الأساسية التي تواجه القطاع الصحي في كافة دول العالم، وتشكل هاجساً لدى المريض والطبيب والمؤسسات الصحية نتيجة الخسائر التي قد يتعرضون لها على المستويين الصحي والمادي. وفي دراسة حديثة نشرتها جريدة الإندبندت البريطانية، فإن الأخطاء الطبية تشكل السبب الرئيسي الثالث للوفيات في الولاياتالمتحدة الأميركية بعد الوفيات الناتجة عن أمراض القلب ثم السرطان، حيث بلغ عدد الوفيات الناتجة عن الأخطاء الطبية أكثر من 250 ألف شخص. ويرى بعض الخبراء أهمية التعامل مع مشكلة الأخطاء الطبية في المملكة في ظل الزيادة في عدد العاملين الصحيين لتغطية ارتفاع عدد السكان وزيادة عدد الزيارات والمراجعات للمستشفيات والمراكز الصحية، حيث يشير الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء إلى زيادة عدد الأطباء في جميع المرافق الصحية بالمملكة من 69,559 طبيباً عام 1432ه إلى 86,756 طبيباً عام 1436ه بمعدل 25%، وارتفع عدد العاملين في التمريض خلال الفترة نفسها من 134,632 ممرضاً إلى 172،483 ممرضاً بنسبة قدرها 28%، كما شهد عدد الصيادلة ارتفاعاً نسبته 54% بعد أن بلغ 23,624 عام 1436ه مقابل 15,317 عام 1432ه، وارتفع عدد العاملين في الفئات الطبية المساعدة بنسبة 37% خلال الفترة نفسها. وللحد من هذه المشكلة والخسائر الناتجة عنها، ألزمت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الممارسين الصحيين بالحصول على التأمين الإلزامي ضد الأخطاء المهنية الطبية، ضمن متطلبات الحصول على رخصة مزاولة المهنة التي تمنحها هيئة التخصصات الصحية بمدد تقدر بخمس سنوات أو ثلاث سنوات، وبالرغم من مضي عشر سنوات على تطبيق هذا القرار، إلا أن بعض الممارسين الصحيين لايزالون يتعرضون لمشاكل نتيجة عدم التزامهم بتجديد الوثيقة واطلاعهم على الاستثناءات التي تطبق على أخطاء ممارسة المهن الصحية. من جهته، أوضح مدير عام التسويق في شركة التعاونية للتأمين ماجد أحمد البهيتي أن عدد الممارسين الصحيين الذين يستفيدون من هذا التأمين قد زاد بنسبة 34% خلال السنوات الخمس الماضية، وبالتالي أصبحت قيمة وثائق الأخطاء الطبية التي توفرها ست شركات تأمين في المملكة حوالي 100 مليون ريال، مشيراً إلى أن أغلب الأخطاء الطبية في المملكة تحدث عادة بسبب العمليات الجراحية وفي الولادة. وأضاف البهيتي، أن برنامج تأمين أخطاء ممارسة المهن الطبية الذي تصدره التعاونية للتأمين يغطي قيمة التعويضات التي تحكم بها المحاكم أو الهيئات الشرعية على المؤمن له في حال تسببه في ضرر صحي للمريض ناتج عن الخطأ أو الإهمال أو السهو أثناء ممارسة مهنته، حيث تشمل التغطية الأساسية للوثيقة أي إصابة جسدية أو عقلية أو الداء أو المرض أو الوفاة لأي مريض بفعل يرتكبه المؤمن له في سياق عمله أو يكون على صلة بالمهنة الطبية التي يمارسها في المملكة. وأكد البهيتي أنه بناء على المتطلبات النظامية والتعديلات التي أجرتها الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لحدود التعويض المطلوبة لتأمين أخطاء المهن الطبية بالنسبة للممارسين الصحيين، فقد وضعت التعاونية خيارات للتغطية بحدود تبدأ من 100 ألف ريال، وتصل إلى مليون ريال لكل مطالبة أو لإجمالي المطالبات السنوية. وعن أهمية هذا التأمين، قال البهيتي إن وثيقة التأمين على الأخطاء الطبية تضمن حقوق المتضررين من الأخطاء الطبية حيث تعوضهم بالمبالغ التي تحكم بها المحاكم أو اللجان الشرعية نتيجة خطأ المؤمن له، وهي في الوقت نفسه توفر الحماية في مواجهة العواقب المالية الناتجة عن خطأ يُرتكب في سياق ممارسة المهنة الطبية، وتتميز الوثيقة أيضاً بتغطية مسؤولية المؤمن له تجاه الطرف الثالث عن جميع المبالغ المالية والتكاليف القانونية الصادرة بحقه. وينصح البهيتي الممارسين الصحيين بإبلاغ شركة التأمين عن أي مشكلة تقع نتيجة خطأ طبي فور علمهم بها، كما ينصحهم أيضاً بضرورة استمرارية الوثيقة وتجديدها في الوقت المحدد بدون انقطاع، لتفادي أي شكاوى محتملة والتي قد تظهر في وقت لاحق ولاسيما أن البت في مثل هذه القضايا يستغرق بعض الوقت، ولأنه في حال تبين وجود مشكلة صحية لدى المريض ناتجة عن خطأ طبي سابق خلال فترة الانقطاع، فقد لا يغطي التأمين الحالة حتى ولو كانت الوثيقة فعالة أثناء ظهور المشكلة في فترة لاحقة. ماجد البهيتي