الفراغ والإهمال العاطفي يؤثر على سلوك الطفل، ويظهر بوضوح في سلوكه عندما يبلغ مبلغ الرجال، أو تصل الفتاة إلى مرحلة الأنثى البالغة أو دون هذه السن. إن إهمال الطفل عاطفيًا في بيته أو مدرسته أو محيطه الذي نشأ فيه سيجعله يتعلق بكل من يمنحه الحنان والعاطفة وهنا يكمن الخطر؛ فقد يتلقى الطفل أسلوب حياته وربما معتقداته ومفاهيمه وطريقة تذوقه وحديثه وكذلك لغته ودينه من أشخاص أو جهات غير الأبوين. إن للعاطفة والحنان والحب خصوصية معيّنة وطبيعة متفردة لا يجدها الطفل إلا عند أبويه، لا سيما الأم التي إذا ضمته وقبلته وابتسمت له ورعته انتعشت أساريره واطمأن قلبه؛ ولذا نجد الأطفال والفتيان الذين ترعاهم أمهاتهم وتربيهم وتمنحهم من وقتها القسط الأكبر هم الذين يتوفر لديهم القدر الكافي من الاتزان والاطمئنان والانسجام مع محيطهم. ننصح الآباء والأمهات بدمج أطفالهم في التجارب الاجتماعية الطبيعية مما يمكنهم من تكوين صداقات، أما عزلهم فسيضر بنموهم المعرفي والعاطفي والاجتماعي، كما نوصي بضرورة إشغال الأطفال بأعمال جسدية تعطيهم الإحساس بأنهم مفيدون وأنه يمكن الاعتماد عليهم. الحوار والنقاش الهادئ والبنّاء بين أفراد الأسرة على مائدة الطعام، يغذي مشاعر الأطفال ويمنحهم المزيد من الطمأنينة، كما إن أخذ آرائهم واستشارتهم والسماع إليهم سيزيد من ثقتهم بأنفسهم ويصقل من شخصياتهم. يجب على الأهل تجنّب السلوكيات والتصرفات الخاطئة أمام أطفالهم كالضرب والشتم، فضلًا عن تحقير أطفالهم والاستخفاف بهم، مما قد ينتج عنه تدهور ثقتهم بأنفسهم وربما انحراف سلوكياتهم. إن أبناءنا أمانة في أعناقنا، وهم أغلى شيء في حياتنا ولن يعدل أي نفيس نجمعه صلاحهم في الدنيا وسعادتهم في الآخرة، فلنعطهم من حياتنا وحبنا ومشاعرنا ما يبلغهم الدرجات العلى، ولنسترخص أي مكسب دنيوي يشغلنا عن بناء شخصياتهم بناء سليمًا، ولا نبخل عليهم في التوجيه والنصح والرعاية. * قسم التثقيف الصحي