من منطلق اقتصادي بحت، فإن ضريبة القيمة المضافة المزمع تطبيقها في دول الخليج بداية 2018 لاتصلح لاقتصادنا لأننا ببساطة لا ننتج سلعا ولا خدمات تحمل أي قيمة مضافة تذكر، بل إننا على العكس يجب أن ندعم القيمة المضافة في منتجاتنا بدلا من الضريبة عليها. وبالتأكيد، كوننا بلدان تصدر النفط والمنتجات البسيطة الأخرى بشكلها الخام ونستورد كل احتياجاتنا الاستهلاكية والمصنعة من الخارج فإن ماسيطبق عندنا فعليا هو ضريبة مبيعات حتى وإن كان اسمها ووصفها أنها ضريبة القيمة المضافة (هناك اختلاف بين النوعين). ورغم أن ضريبة القيمة المضافة مطبقة في أكثر من 100 بلد في العالم، إلا أن كثيرا من الدول النامية استوردت هذه السياسة المعلبة وطبقتها بغرض رفع إيراداتها الداخلية فقط، مع أنها لا تناسب اقتصادياتها، ومن الممكن لهذه الدول إيجاد مصادر تمويل أخرى غيرها لرفد موازناتها. ولعل البديل المناسب عندنا لضريبة القيمة المضافة ولرفد موازنة الحكومة مؤقتا حتى تتجاوز العجز هو رفع الرسوم الجمركية من 5% (النسبة المفروضة حاليا) إلى 12% بدءاً من 2018، وذلك للأسباب التالية: أولا: أن كلا من الضريبة أوالرسم الجمركي هي تكلفة على السلعة يدفعها المستهلك الأخير، ويذهب إيرادها لرفد موازنة الحكومة وهو الهدف من فرض أي منهما، ولم تثبت الدراسات -حسب علمي- تفضيلا لنوع على آخر من حيث الكفاءة أو الفاعلية في استخدام الموارد. ثانيا: أن الضريبة ستفرض على السلع والخدمات، في حين تقتصر الرسوم الجمركية على السلع فقط، وهو ما نحتاجه حاليا، أي إعفاء قطاع الخدمات من أي تكاليف إضافية لأننا نعول عليه لقيادة النمو والتنمية وخلق فرص العمل. ثالثا: أن الرسوم كما هي الضريبة تحد من الاستهلاك الترفي للسلع الكمالية، وهي إحدى المزايا الهامة للضريبة والتي يمكن للرسم الجمركي تحقيقها بنفس القدر والكفاءة. رابعا: أن زيادة الرسوم أسهل من فرض الضريبة، لأننا لانملك جهازا ضريبيا مؤهلا، كما أن إنشاء جهاز متكامل سيكلف موازنة الحكومة الكثير، وهو أمر لا نحتاج إليه مع رفع الرسم الجمركي الذي يمكن تطبيقه مباشرة بلا أي تكلفة إضافية. خامسا: أن الرقابة على الرسوم أسهل من الرقابة على تطبيق الضريبة، فالثانية تحتاج لرقابة مكلفة على كامل السوق ولا تحتاج الأولى سوى زيادة كفاءة الجمارك في المنافذ الحدودية. بالطبع، سيكون إيراد الرسوم أقل من إيراد الضريبة لأنه يستثني قطاع الخدمات، ولكنه استثناء له ما يبرره اقتصاديا حسب ماذكر في ثانيا. نقطة أخيرة، وهي هل يمكن زيادة الرسوم بلا تعارض مع شروط منظمة التجارة العالمية التي نحن في المملكة والخليج أعضاء فيها؟ والإجابة أن عمل منظمة التجارة يقوم على أن كل دول عضو تعطي ارتباطا جمركيا معينا، فدولة تعطي 10% وأخرى 20% وثالثة 30%، وكل عام أو عامين يجتمع وزراء التجارة ويخفضون هذه الارتباطات بمعدل 10 أو 20% للجميع؛ ولحسن الحظ -وحسب معلوماتي- فالمملكة ودول الخليج أعطت ارتباطا يزيد عن 12%، مما يعني أننا ومع رفع الرسوم إلى 12% مازلنا داخل الحدود التي ارتبطنا عليها وتعهدنا بالالتزام بها في المنظمة، وهو مايعني إمكانية استبدال الضريبة بالرسوم الجمركية، وهو استبدال للأصعب بالأسهل وللأبعد بالأقرب، والذي يعطي نفس النتيجة.