العلاقات السعودية الأردنية تجاوزت الجوار، والأخوة، والمشتركات التاريخية والثقافية والتجارية، وأصبحت اليوم على محك المسؤولية لإعادة الأمن والاستقرار للمجموع العربي بعد سنوات من ثوراته، وتداعيات التدخل في شؤونه، وتنامي ظاهرة الإرهاب بين أقطاره، حيث يعوّل على المملكتين السعودية والأردنية مهمات التصدي للمشروعات الإقليمية والدولية التي تريد النيل من وحدة الوطن العربي، وتأزيم مواقفه، وإشعال الطائفية بين أبنائه، إلى جانب دعم الحق الفلسطيني ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، والوقوف مع شعبه ودولته لنيل حقوقه المشروعة. زيارة خادم الحرمين الشريفين التاريخية إلى عمّان تقوي موقف البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية في المنطقة، وتحديداً تداعيات الحل السياسي وتسوية الأزمة في سورية، ووحدة وعروبة العراق، واستقلالية قرار لبنان، وشرعية اليمن، واستقرار ليبيا، إلى جانب الحفاظ على صمود الأمن العربي في مواجهة الإرهاب المستطير، وتنظيماته المأجورة، والدول الراعية له، ودعم ملف اللاجئين، كما تمنح هذه الزيارة الشعبين الشقيقين فرصاً للعمل والاستثمار، من خلال مجلس التنسيق السعودي الأردني، ومجلس الأعمال المشترك، والملتقى الاقتصادي لبحث مجالات التعاون في أكثر من مجال، حيث تتوج الزيارة بالتوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم تعزز من عمق العلاقة، وتمهد لما هو قادم في زيادة التبادل التجاري. المملكة والأردن جمعتهما تحالفات دولية وإقليمية بدءاً من التحالف العربي في اليمن، والتحالف الدولي ضد "داعش"، والتحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، ومناورات "رعد الشمال"، فضلاً عن التحالف الثنائي بين البلدين في تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، والتدريب العسكري، والتفاهمات السياسية للتحرك العربي وفق أهداف محددة نحو التهدئة، ووحدة الصف، وقطع الطريق على المشروع الإيراني في المنطقة، حيث تظهر تلك التحالفات عن علاقة استثنائية بين البلدين الشقيقين، ورؤية واضحة في التعاطي مع التطورات الدولية تجاه المنطقة تحديداً، والرغبة المشتركة للخروج من الأزمات المتلاحقة بأقل الخسائر؛ ولذا كان توقيت الزيارة قبل قمة عمّان بعد غدٍ الأربعاء فرصة لبحث الموضوعات والقضايا العربية، وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك، وتبادل وجهات النظر حول التطورات المتسارعة في المنطقة، ووصول الإدارة الأميركية الجديدة، ونظرتها إلى الشرق الأوسط، وقضيته الأساس في الصراع العربي الإسرائيلي، ومدى إمكانية إطلاق عملية السلام المتعثرة. الأردن البلد الجار والشقيق للمملكة لم يكن يوماً مصدر تهديد، أو تأزيم، أو خروجاً عن دبلوماسية التعامل الإيجابي، بل كان وسيظل أخاً أميناً صادقاً في الرخاء قبل الشدة، وهو ما أثبتته الأحداث والأزمات في وقوفه إلى جانب المملكة، وتحمله عبء المسؤولية معها، وهو ما انعكس على علاقة الأخوة بين الشعبين السعودي والأردني، حيث كانت الأحداث تنطق بوعيهما، وتقديرهما، وأكثر من ذلك تعاونهما في بناء محفزات المستقبل.