الطفل المتمرد في المدرسة، المزعج، الذي يطرح أسئلة خارج النص، الحيوي، المتحرك، غير المنضبط في المواعيد (وإن حضر حرك الركود) كيف يتعامل معه المعلم؟ هل يفصل، أو يستدعى ولي أمره، أو ينقل إلى فصل آخر أو مدرسة أخرى؟ أو يتم استثمار طاقته، والاستفادة من رغبته في المشاركة، وتحويلة إلى طاقة إيجابية؟ من عالم الطفولة إلى بيئة العمل حيث يتعامل المدير مع مجموعة من الموظفين الذين لا يتشابهون في قدراتهم وسماتهم الشخصية.. كيف تتحقق الإدارة الفعالة للموظفين المختلفين في كل شيء؟ بين هؤلاء الموظفين موظف مزعج لكنه لا يقصّر في عمله، متمرد لكنه يقدم أفكارا جديدة ويتحمس لتنفيذها. الكاتبة مارتال فيني مؤلفة كتاب (الإدارة الفعالة للموظفين) تصف هذا الموظف المتمرد وصفا دقيقا طريفا وتقول: "عامل ينجز عمله ولذلك لا تستطيع أن تحاسبه على التقصير في العمل. ولكنه لا يظهر أدنى احترام للسلطة، ولا لأي من معايير العمل السائدة. ويبدو أنه يتعامل مع مواعيد العمل وكأنه يستخدم التوقيت الخاص بنصف الكرة الأرضية الآخر ولذلك فإنه لا يحضر الاجتماعات إطلاقا. هو مخرب وساحر ويصعب تحفيزه ولا يمكن تهديده فعندما يأتي أحد العاملين الآخرين بفكرة جديدة، فإنهم يقترحونها على المجموعة بهدوء ويتساءلون: لماذا لا نجربها؟ أما هو، فعندما تكون لدية فكرة جديدة، فإنه يقف أمامك قائلا: لماذا لا ننفذها حالا؟ وهو يعتقد تماما أنك أحمق وأسوأ من ذلك، إنه يجعلك تشعر أحيانا بأنه على صواب. فهو شبح مخيف متنكر في صورة إنسان ومع ذلك عليك أن تحبه". رغم هذا الوصف الفظيع لسلوك هذا الموظف إلا أن الكاتبة ترى أنه قد يكون أفضل شيء حدث لك على الإطلاق. فهو حسب رأيها يتمتع بالمشاعر الفياضة والتجديد والعبقرية والاستقلالية ويمكن الاعتماد عليه. وأكثر من ذلك ترى أن بعض الشركات الكبرى تعتمد على أفكار مثل هؤلاء الأشخاص. لذلك تنصح الكاتبة بالتمسك بالشخص المتمرد، ومنحة كل الحرية التي يرغب بها دون معاملة خاصة، والاستماع إليه، وكسب ثقته لكي يعرض عليك الأفكار الذكية التي يأتي بها. تلك أفكار قد يجدها البعض صعبة التطبيق، ويجدها آخرون منطقية، وجربها آخرون فوجدوها مفيدة كونها تنظر لفريق العمل كقدرات مختلفة فتعمل على تحفيزها بمبدأ الفروق الفردية وبذلك تستثمر قدرات الجميع. أخيراً؛ يختلف الناس في أساليبهم التربوية مع الأطفال، وليس هناك نظرية تربوية مثالية يتفق عليها الجميع. وكذلك ليس هنالك نظرية مثالية في الإدارة. الأمر المتفق عليه هو أن لكل إنسان قدرات وسمات خاصة به، وأن وجود فريق عمل متشابه لا يخدم العمل. ومن هنا علينا أن نرحب بالفروق الفردية ونستثمرها بطرق مختلفة. وإذا اتفقنا مع الكاتبة على وصفها للموظف المتمرد، فعلينا أن نبحث له عن اسم آخر.