قبل العشرين من شهر يناير الماضي، كانت أميركا في مرحلة من الشك في الكثير من علاقاتها الدولية وسياستها تجاه العديد من القضايا، وخاصة تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. في تلك الفترة الضبابية لم تعد أميركا الدولة الأقوى عالمياً بعد اختلاف النبرة وتغير السلوك خاصة مع من كانوا يوصفون بالأصدقاء والحلفاء، وهو ما حدث أيضاً تجاه الأعداء الذين كانت مرحلة الضباب ذهبية بالنسبة لهم ليرتدوا عباءة الحليف والصديق مستغلين حالة انعدام التوازن في المعيار السياسي الأميركي. لم يعتد العالم على أميركا ضعيفة تقدم التنازلات.. مترددة .. متناقضة.. أميركا لا يمكن التنبؤ ماذا ستفعل؟ وأين تقف؟، وهو أمر ألقى بظلاله حتى على الصعيد الداخلي وشكل عاملاً مهماً في الانتخابات على صعيد الحزبين الديموقراطي والجمهوري ليصل إلى ذروته في الانتخابات الرئاسية، عندما كان الجميع في الداخل الأميركي يترقب متسائلاً: ما هو مستقبل بلادنا؟، وفي أغلب عواصم العالم كان السؤال واحداً: ما هو مستقبل علاقاتنا مع أميركا؟! منذ اليوم الأول لفترته الرئاسية بدأ دونالد ترامب بإعادة ترتيب الأولويات، وشيئاً فشيئاً بدأ الضباب المخيم على البيت الأبيض في الزوال، فعرف الناس للمرة الأولى منذ سنوات ما ينوي الأميركيون فعله، وإلى أين تتجه بوصلة واشنطن. خلال أقل من شهرين شهد مؤشر الثقة بين أميركا وحلفائها ارتفاعاً ملحوظاً فقد أعيدت الكثير من الأمور إلى نصابها، فعلى سبيل المثال عادت إيران إلى موقعها الطبيعي كبلد لا يهدد الأمن في محيطه فقط بل يهدد السلم الدولي، وفي الملف السوري الشائك بدأت ملامح التعامل بجدية في التشكل، ومعها بدأت التصنيفات أكثر وضوحاً فيما يتعلق بمفاهيم الصداقة والشراكة والندية والخصومة، وتقريباً تمت كتابة الكلمات الأولى في الإجابة على السؤال الأهم: ما هو مستقبل علاقتنا مع أميركا؟