يُدرك معظم المبدعين أن العمل الأدبي لا قيمة له إذا لم يتضمّن أي عنصر جديد ومُفاجئ، وإذا كان عاجزاً عن إثارة دهشة المتلقين، لذلك تعدّدت النصوص التي تُطالب بضرورة البحث عن مصادر الجمال والدهشة وتوظيفها في القصيدة وفي العمل الأدبي بطريقة ذكية ومؤثرة، من النصوص الجميلة التي تُنسب للشاعر الكبير نزار قباني قوله: "إذا لم تستطع أن تكون مُدهشاً فإيّاك أن تتحرّش بورقة الكتابة". ويُطالب الشاعر فيصل العطاوي أيضًا بما طالب به قباني وهو ابتعاد الشاعر عن الكتابة إذا لم يستطع إبداع شيء مُدهش ومميز، يقول العطاوي: الشعر لا يشغلك عن نفسك وناسك إنساه فتره عشان يصير له وحشه وإذا كتبت اكتب اللي لامس إحساسك أهم حاجه تراعي عنصر الدهشه ذَكَرَ الشاعر والإعلامي حمود جلوي في لقاء معه قبل أيام أن الناس كانوا ينتظرون المجلات الشعرية مثلما ينتظرون "المعاش" أو الراتب، وهذا الكلام ليس من باب المبالغة والبكاء على أطلال المجلات، لأن من عايشوا مرحلة المجلات الشعرية يدركون صدق ودقة كلامه، فقبل ثورة وسائل التواصل كان الشاعر أكثر صبراً في انتظار اكتمال قصيدته، وكان المتلقي أيضًا صبوراً في انتظار العديد من القصائد الناضجة والدهشة المتوقعة بداية كل شهر، وكانت عملية الانتظار جزءاً مهماً في خلق لذّة تلقي النص الشعري والتفاعل مع جمالياته بشكل أفضل ولوقت أطول. من أجمل العبارات التي مرّت علي في وصف عملية انتظار الشاعر المبدع للقصيدة عبارات كتبها أيضاً نزار قباني، وشبّه فيها مشقّة انتظار القصيدة بمشقة انتظار الصائد للأسماك، وقال: "صيادو السمك كصيادي الكلمات يتعاملون مع السِّر والصُدفة ونداء الأعماق، إنني أقعد على حافة الورقة بانتظار أسماك جديدة مختلفة اللون والحجم، ويجوز أن يصطاد الشعراء الآخرون أسماكهم بالديناميت أو يشترونها (مثلّجة)، أما أنا فأصطاد أسماكي بخيوط الصبر.. ولا أتعامل مع السمك أو مع البحر بطريقة غير أخلاقية". رضا الشاعر بالقصائد الباردة أو "الأسماك المثلّجة" كما يصفها نزار، واستعجاله في نشرها لتوفير وجبة شعرية شبه يومية للمتابعين ساهم بشكل واضح في غياب جزء كبير من متعة الشعر وفي غياب الأثر الكبير والعميق الذي كان يُحدثه في المتلقين. أخيراً يقول محمد الوسمي: يا رب: وأحلام البشر تمضي وتنساها الليال ولو يتحقّق بعضها ب نقول ما هي كافيه اللي عطيته "عافيه" يحلم ف "بيت وراس مال" واللي عطيته "راس مال وبيت" يبغى العافيه