يظل الشاعر يحاول دائماً الظهور بأفكار جديدة ورؤى جديدة في سياق نصه الشعري، ويظل أيضاً يبحث عن كل ماهو جديد يرقى بالذائقة القرائية. على مساحات الأدب الشعبي وعلى وجه الخصوص في كتابة النص الشعري، نجد أن الشاعر المبدع هو ذاك الذي يظهر لنا بنص راق يصل بنا إلى ذائقة راقية وواعية، وهذا لا يأتي بالطبع إلا من الفكر الإبداعي لديه في صياغة النص الشعري الذي يريده، خصوصاً ونحن الآن في مرحلة تطور النص الشعري والخروج به إلى عالمية الإبداع من حيث الصياغة. ولعله من البديهي أن نقول إن البيئة الإبداعية تنبت الإبداع، فالشاعر يتأثر بالبيئة التي من خلالها يستطيع تجسيد مشاعره بكل مصداقية ويصورها في مفردات يحاكي من خلالها تلك المشاعر التي يريد. إن الشاعر وهو كذلك يضع العناصر لأفكاره بداية ثم يبدأ في ترتيبها وتنميق حروفه حتى يكتمل أمامه عمل أدبي ، أو يكتب أحيانا بيتا واحدا أو بيتين من الشعر ثم بقدرته أو بمعني أدق بحرفته في الصياغة ينشأ سائر القصيدة ليكمل الوحدة البنائية الإبداعية لقصيدته، وبذلك هو يتطلع إلى رؤية إبداعية في صياغة النص الشعري. إن جمال الصورة الشعرية لدى الشاعر تأتي تحت تأثير عدة عوامل لعل من أهمها البيئة الطبيعية والاجتماعية، إذ أن الشاعر يستلهم في كتابته النص الشعري من الطبيعة التي يعيش فيها ومن واقعها ومابها من مؤثرات إضافة إلى بيئته الاجتماعية ، وذلك كما في شعر شعرائنا القدامى الذين امتاز شعرهم بالدقة والصور الجميلة الممزوجة بالإبداع. نجد في قصائدهم عذوبة المشهد الشعري لديهم من خلال تلك البيئة التي عاشوا فيها والتي تبتعد عن التكلف إذ أنها على طبيعتها ولذلك نقرأ في نصوصهم الشعرية بعداً مكانياً رائعاً يوحي بمصداقيتهم ودقة سبكهم للنص الشعري، ولذلك نجد أيضاً أنهم استطاعوا إيصال أفكارهم من خلال نصوصهم تلك إلينا والتي لازالت حتى الآن تعانقنا بجمالها وروعتها. العملية هنا ليست عملية كتابة نص فقط لمجرد الكتابة ، بل يتعدى ذلك إلى كيفية عملية تلك الكتابة بطريقة إبداعية يريد من خلالها الشاعر الوصول إلى الفكرة التي من أجلها كتب النص الشعري بكامل أسس بنائه وهذا بالطبع هو الصحيح في كتابة النص الشعري المبدع الذي يرقى بذائقة المتلقي. ومن هنا فإن الشاعر بطبيعته يريد الإبداع بلا شك في نصه الشعري ، ويريد كذلك أن يخرج عن المألوف في كتابته دون الخروج عن الأسس الصحيحة في الكتابة، وإذا ما اكتملت تلك الأشياء فإن التطلعات الإبداعية لدى الشاعر ستكون ناجحة وستصل من خلالها إلى مايريد، وسيصل أيضاً إلى روح وذائقة المتلقي. أخيراً : وجه البكا مكسور والدمع مشوار سيفٍ قتل بالليل .. لذة منامي قلبي نزعته .. والجفا ليله أسرار وظلٍ يموت .. وما بقى به هيامي